رأي ومقالات

حسين خوجلي: ويح نفسي على السودان فحتى حكاياته وأمثاله ما عادت تصلح للتدبر والنصيحة والاعتبار


وأخيراً سقط عرش الحكايات
قبل أشهر داهمت رسوم المدارس الرجل الريفي الفقير فشد الرحال للبندر للاستعانة بأشقائه أحدهم كان صاحب دكة (خضروات) بالملجة والآخر كان صاحب بقالة (خردوات) عامرة بالسوق الكبير.

بائع الخضار فيه الكثير من الطيبة واللطف ورقة الحال، وصاحب الخردوات عنده الكثير من المال والقسوة والبخل المطبوع. نزل عند الأول فلاطفه وأكرمه واعتذر له عن قلة ماله سوء أحواله، ونفحه بما تيسر ودعا له بصلاح الأعمال والأحوال .

وذهب إلى شقيقه صاحب المال واستقبله بوجهٍ عبوس وقال له متوعداً: ألم تسمع بكساد السوق وقلة العرض والطلب؟ وبعد جدال أعطاه ما لا يكفي مشوار العودة وكسوة طفلٍ واحد.
ظن المسكين أنه سيعود كثيفا فعاد كسيفاً سأله شيخ الطريقة تقريراً عن الرحلة فأجاب بصوت خفيض واختصارٍ بليغ:

الفيهو شي ما عنده شي .. والعنده شي ما فيهو شي
بعد أن أكملتُ الحكاية كدت أن ألغيها فقد اكتشفت أنها من الأدب الذي لا يفيد لأن دراسة الحالة لأبطالها أفادت الآتي:

طالب النجدة الريفي أصبح بلا حقل وأصبح أبناؤه بلا مدرسة، أما تاجر الخردوات فقد تم نهب محله حتى المِّشاش حتى أضطر لتسجيل اسمه في مضابط الزكاة، وبائع الخضروات الطيب أصبح (شحاداً) على أعتاب مسجد السوق الكبير، أما شيخ الطريقة (طلع غواصة)

ويح نفسي على السودان فحتى حكاياته وأمثاله ما عادت تصلح للتدبر والنصيحة والاعتبار.

حسين خوجلي