إبراهيم غندور شارة عظمة الإسلاميين والنموذج الرفيع للسياسي المغناطيسي والأكاديمي المثقف
في مجلس محدود من مجالس النقاش مع بعض الأصدقاء دار نقاشنا عن البروفيسور ” إبراهيم غندور ” .. سألني أحدهم : لما تستخدم كل هذا الإنفعال للدفاع عن ” غندور ” ؟!
قلت له : لأنه اجترئ عليه من لا يطوله !!
خبث القول ، وسوء النية ، ضد من ؟ ضد رجل يعد من أكرم وأنبل أهل السودان الذين إنتقتهم الحركة الإسلامية ، وعجمت عوده ، ثم قدمته قائدا من أنزه قادة البلاد وخادما أمينا للعباد .
ثمة تجريح يا صديقي لا يمكن أن يطيقه أصحاب القلوب النابضة بالوفاء ، ومكارم الأخلاق .
وأن يصدر ذلك التجريح من رعاع فاشلين ، فقراء المواهب ، لا يملك أحدهم قمطيرا من القدرات تمكنه من النزول في ساحات العطاء المبدع الخلاق والبذل المبرور .
البروفيسور إبراهيم غندور ، يا صديقي ! موهبة ونبوغ في حياته الأكاديمية ومهنة التدريس الجامعي والسياسة .. جعلا من الصعب تأطيره وقولبته في مساحات القوالب الجاهزة السائدة .
إقرأ في ممارسات السياسين وأبحث في أعمالهم الظاهرة ، بحذق ونباهة ، لن تجد من يماثل البروفيسور إبراهيم في نقاءه ، وبياض سريرته ، عفة لسانه ، لا يعرف التنابذ والتباذئ . وفاحش الكلام . ولن تجد نظيرا له في عظم لياقته النفسية ، ورغبته الطامحة في عبور النهر ، والذهاب إلى الآخر البعيد ، المختلف ، للبحث عن ما بدواخله لاكتشاف مساحات المشترك بينهما .
أضف إلى ذلك كله ، قدرته المائزة ، على اختراق أفكار الذين يناقشونه في أي مسألة من المساءل !!
البروفيسور ” إبراهيم غندور ” وضع في كرسي عميد كلية طب الأسنان بجامعة الخرطوم ، ثم بعدها مديرا لجامعة الخرطوم ، ومن ثم رئيسا منتخبا لاتحاد عمال السودان .. فما من موقع شغله إلا وكان مثل حقل ” المغناطيس ” جاذب للأشياء من كل إتجاه ولون – فهو حقل ” .. مختلف ، مضئ في فلسفة القيادة .
كما التمعت تلك ” المغناطيسية ” الجاذبة عنده – وأعني تأثيرات حضوره الكلي ، ذهنيا ونفسيا وحركيا – في عهده وزيرا للخارجية . إذ إنبعث مفعول الجاذبية المؤثرة من تلقاءه ، بقدر كبير في المنصات وشرفات المحافل السياسية ، دبلوماسيا يكافح ليقول ما لا يقال ، يطارد المفردات ، وينال ألطفها سحرا وفاعلية ، يهندس اللغة بشغف الإيقاع المناسب ، ليعبر عما لا يمكن التعبير عنه بكياسة جاذبة ، ليعطي الآخرين متعة الكلام نادرا أن تجد مثيل لها عند غيره من الذين شغلوا ذات النوقع في أوقات السودان القريب .
بروفيسور ” غندور ” أستاذ جامعي ملتزم بقواعد المهنة وأخلاقياتها ، باحث أكاديمي صارم العلمية ، لا يشق له غبار في مضمار تخصصه – طب الأسنان – كما أثبت أيضا أنه مثقف موهوب المعارف ، متعدد الأوجه والإتجاهات ، وتقترن موهبته بميزتين ، هما التنوع والغزارة .
والتنوع الثقافي وغزارته لدى – غندور – هما ليسا سوى تجسيد لتكوينه الثقافي المركب في مرتكزه الفكري الإسلامي المنفتح على الثقافة الإنسانية بأبعادها الشاملة .
وذلك لعمري هو أهم المكونات الضرورية لشخصية الإنسان المثقف . إذ لا يمكن على أية حال وصف إنسان بأنه مثقف لو لم تكن لديه تلك الصفة .
فالإنسانية في بنيتها القيمية تنبني صفاتها على رحابة الخيال ، والتسامح ، والبساطة ، وروح الدعابة . كما قال بذلك ” نيو بولد دوغلاس ” في حديثه عن صفة المثقف الإنسان .
فالخيال هو الصفة التي يضيفها الإنسان الذكي إلى ما يقرأ أو ما يكتب لكي يزداد فهما له ، ولكي يجعله أقرب لحياة الواقع .
أما التسامح ، فإن المثقف يرى أن الحقيقة أمر نسبي ، وأن الجمال يشبه قوس قزح في تعدد ألوانه .
وأن العالم أخلاط شتى من البشر . كما أن التباين في الحياة والطبيعة يولد فيه إحساسا بالنشوة وليس بالضيق أوالضجر .
أما البساطة في العيش والتفكير هي أصوب المثاليات التي تنشدها الحضارة والثقافة ، الحضارة حين تفقد البساطة ، تضمحل وترتبك وتعتريها حالة من التخبط والضياع .
أما الدعابة فلها وظيفة كيميائية فهي تحدث تحولا في النسيج الأساسي لفكرنا وتجاربنا . فالدعابة تقترن بالضرورة بالمنطق السليم وبروح العقلانية ، إلى جانب القوة الذهنية الماكرة القادرة على الكشف عن التناقضات والحماقات والمنطق الفاسد ، وهي تلك أسمى صورة للذكاء البشري .
تأسيسا على ذلك يمكن قراءة شخصية البروفيسور ” إبراهيم غندور ” بوصفه أكاديمي مثقف وسياسي مغناطيسي الحضور .
وأكثر صفاته الجاذبة المحببة هو أنه من القادة القلائل الذين لهم إمكانية النظر إلى من حوله باهتمام عقلاني ذكي ، وتسامح ، وخيال رحب ، وذلك ما جعله أن يكتسب الحكمة والرشد ، ويفوز أيضا بما فاز به الفلاسفة من سعادة متصلة لا تنقطع .
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله