أبرز العناوينتحقيقات وتقارير

قرار بالاستغناء عن السيارات الغربية.. هل نشهد عودة روسيا “السوفيتية”؟

تساؤلات عدة أطلقها الشارع الروسي عقب جملة من القرارات التي اتخذها مجلس الدوما (البرلمان) الروسي في ظل توصية مرفوعة من الرئيس، فلاديمير بوتين، تلزم أعضاء المجلس والمؤسسات الحكومية بالاستغناء عن السيارات الغربية بالتنقلات الرسمية واقتناء السيارات الروسية دعما للاقتصاد الروسي والصناعات المحلية.

وقال ‏رئيس مجلس الدوما، فيتشيسلاف فولدين، إن “هذه الخطوة ستساعد على تطوير صناعة السيارات الروسية وسوف تبقي أموال الخزينة الروسية داخل روسيا”.

ويعكس تصريح رئيس المجلس واقع حال الاقتصاد الروسي المثقل بالعقوبات الغربية.

وأعلنت الولايات المتحدة، في سبتمبر الحالي، فرض عقوبات جديدة مرتبطة بالحرب في أوكرانيا وشملت أكثر من 150 كيانا وشخصا في كل من روسيا وتركيا والإمارات وجورجيا.

وتعد العقوبات الأخيرة واحدة من أكبر حزم العقوبات التي فرضتها وزارتا الخارجية والخزانة الأميركيتين.

وتخطط روسيا لزيادة الإنفاق الحكومي خلال السنة المالية المقبلة بأكثر من 25 في المئة مقارنة بالسنة الحالية، وذلك وسط توقعات بأن الكرملين سيجمع الأموال بشكل أكبر لدعم غزو قوات الكرملين لأوكرانيا، وفقا لتقرير صحيفة “فاينانشال تايمز”.

ويتوقع مشروع الميزانية أن تسجل روسيا عجزا قدره 1.6 تريليون روبل عام 2024، في حين أقر مجلس الوزراء بأنه لا يتوقع فائضا خلال السنوات المقبلة، متنبئا بحدوث عجز في الموازنة العامة حتى عام 2026.

ورغم التصريحات الرسمية عن قوة الاقتصاد وعدم تأثره بالعقوبات، إلا أن بيانات من هيئة الإحصاء الروسية، أظهرت أن التضخم السنوي في البلاد سجل ارتفاعا مقداره 5.15 بالمئة في أغسطس، بزيادة عن نسبة 4.30 بالمئة التي سجلها في يوليو.

كما أن العقوبات تسببت أيضا بتجميد نحو 280 مليار دولار من الأصول الروسية في الخارج معظمها متواجد في الاتحاد الأوروبي، بحسب وزارة الخزانة الأميركية.

ورفع بنك روسيا معدل الفائدة الأساسي من 8.5 إلى 12 في المئة من أجل جلب الاستقرار إلى الروبل والسيطرة على التضخم المرتفع.

وتراجعت العملة الروسية بشكل كبير مطلع أغسطس لتحطم مستوى 100 روبل للدولار لأول مرة منذ الفترة التي تلت مباشرة انطلاق العملية العسكرية في أوكرانيا، في فبراير عام 2022، قبل أن تعاود الصعود بدعم من رفع نسبة الفائدة وضخ المركزي الروسي كميات أكبر من العملات الأجنبية.

وبعد انسحاب غالبية شركات السيارات الغربية واليابانية والكورية الجنوبية من الأسواق الروسية فتحت روسيا أسواقها للسيارات الصينية.

وتمثل السيارات الصينية المستوردة الآن 49 في المئة من السوق الروسية، ووصلت إلى 40 ألف وحدة، في يونيو، مقارنة بحصة 7 في المئة ما قبل الحرب فقط، في يونيو عام 2021، وفقا لبيانات من شركة التحليلات “أوتوستات”.

وانتقد  الأكاديمي الروسي، أرتيوم بيجامويف، في حديث لموقع “الحرة” قرار الدوما، ووصفه بـ”الشعبوي”.

وقال إن القرار معدٌّ من أجل مخاطبة الداخل الروسي، مضيفا أنه “لن يعود بفائدة على الاقتصاد الروسي وإنما يريدون القول: إننا لسنا بحاجة لسيارات الغرب وقادرون على استخدام السيارات المحلية”.

و‏لم تقف قرارات السلطات الروسية على موضوع السيارات حيث منع  استخدام أجهزة الـ  iPhone  في الاتصالات والاستخدامات الرسمية، كما يحظر على أعضاء مجلس الدوما والشخصيات الرسمية في الصف الأول والثاني من قضاء الإجازات خارج الأراضي الروسية.

وتقول أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة الوطنية، أولغا كراسينياك، إن “العقوبات الغربية على روسيا سوف تدفعها لإنتاج نظامها وسياستها الخاصة والتي هي مزيج من التجربة السوفيتية والاقتصاد الرأسمالي”.

وتضيف “في زمن الاتحاد السوفيتي كانت الدولة هي من تخطط الاقتصاد بناء على سياستها”.

وتضيف أنه “لا بد من الاشارة إلى أن العقوبات حرمت روسيا كثيرا من المواد والأساسيات اللازمة في الصناعة مثل المعدات واللوحات الإلكترونية وغيرها، وهذا سيدفع روسيا لإنتاج هذه المواد محليا، ورويدا رويدا سوف يتحول الاقتصاد الروسي إلى الاعتماد على المواد المحلية بديلا عن المستوردة كما كان في الحقبة السوفيتية”.

ورغم أن بوتين زعم مؤخرا أن بلاده تغلبت على العقوبات الغربية بعد خروجها من الركود، في العام الماضي، فإن توقعات حكومته المنخفضة للروبل الضعيف والأوصاف الغامضة لكيفية جمع الأموال للزيادات الضخمة في الإنفاق تضع مستقبلاً قاتماً للاقتصاد الروسي.

وقالت وزارة الاقتصاد الروسية إنها تعتمد في خططها لموازنة العام المقبل على سعر الروبل الذي يحوم بين 90 و92 مقابل الدولار في الفترة من 2024 إلى 2026، على عكس متوسط ما قبل الحرب الذي زاد قليلا عن 70 روبل.

الحرة