رأي ومقالات

الإدارة العامة للجوازات والهجرة السودانية …. معركة هوية ومعترك وطن


عندما يغادر الإنسان هذه المليون ميل إلى أي وجهة قد يفقد اي شيء وتتغير فيه الكثير من الأشياء وقد لا يحرص حتى على لكنته السودانية المميزة إلا أنه يظل ممسكا بهذه الوثيقة العزيزة، الجواز السوداني. لذا عندما نشبت هذه الحرب وفقد السودانيون أوراقهم الثبوتية كان لزاما على الدولة رعاية من أراد منهم الخروج من البلاد بأي وسيلة ممكنة لأن منهم المريض ومنهم رجل الأعمال والطالب ومن كان في إجازته السنوية لذا فقد بادرت الادارة العامة للجوازات والهجرة منذ اليوم الاول للحرب في وضع الحلول ومساعدة المواطنين وبدأت بابتكار نظام استيكر التمديد للجوازات المنتهية إذ تم اصداره في منتصف شهر يوليو وساعد هذا الإجراء حوالي 20 الف مواطن في تمديد صلاحية جوازاتهم وتسهيل عمليات سفرهم ، لا سيما انه قد تم اعتماده آنذاك في 9 محطات دولية بتنسيق تام مع الجهات السيادية والنظامية والدبلوماسية من بينها الدوحة و الرياض ودبي وعمان وغيرها ..

غياب البيانات …. حضور الهوية….

ومن المظاهر المهمة والمؤلمة في تعاطي مليشيا الجنجويد مع المواطنين هو تخريبهم لكل ما تصل إليه أيديهم القذرة فقاموا بتدمير وتخريب منشئات الدولة وسرقة ما يستطيعون حمله وحرق ما يتبقى وبذا فقدت كافة المؤسسات بياناتها الخاصة بالمواطنين لذا فقد عملت الإدارة العامة للجوازات والهجرة على استعادة تلك البيانات وقد استطاعت أن تسترجع كل البيانات الخاصة بالجوازات حتى معلومات يوم 16-ابريل اي بعد يوم من الحرب تلك المعلومات التي تم ادخالها من بعض الولايات في النظام تزامنا مع الاحداث …
بذا فقد استطاعت الإدارة العامة الجوازات الحفاظ على كل المعلومات الخاصة بالمواطنين بصورة راتبة دون فقدان لاي معلومة الا تلك التي لم تصل إلى منسوبيها.

مصانع الجوازات …. الهم الأكبر

قامت الادارة وفي خطوات جبارة وبتنسيق تام مع الجهات ذات الصلة باستجلاب مصنعين للجوازات تم تركيب وتشغيل واحد في بورتسودان والتاني سيتم تركيبه في الأيام القادمة بود مدني حيث قامت بسداد مبلغ حوالي 800 ألف يورو لشراء الماكينة الاولى لطباعة الجوازات والتي تم تركيبها في مصنع الجوازات ببورتسودان، وبعدها قامت بسداد قيمة الماكينة الثانية والتي وصلت من المانيا

وقد تم افتتاح مصنع الجوازات ببورتسودان اول سبتمبر بسعة انتاج حوالي 5000 الى 6000 جواز في اليوم وتم اصدار وتسليم أكثر من 239 ألف جواز سفر حتى الان بحسب تصريحات الناطق الرسمي للشرطة.
ليس ذلك فحسب بل قفزت الإدارة قفزة جبارة في تيسير التعامل مع الجمهور وذلك بتدشين نظام الحجز الالكتروني والذي قدم خدماته لأكثر من 80 ألف مواطن في تسهيل عملية الحجز لإجراء معاملة واجراءات الحصول على جواز سفر جديد واستفادت اكثر من 15 الف اسرة من النظام اللي يتيح لك حجز مواعيد مسبقة و إضافة افراد اسرتك وما عليك إلا أن تأتي في مواعيدك لإكمال الاجراءات التي تستدعى حضورك وذلك في ذات اليوم والنظام حالياً مفتوح في حوالي الثمانية مراكز.

أبناءنا في الخارج …هويتك تصلك اينما كنت:

وتيسيرا للسودانيين العاملين بالخارج والمنتشرين في مشارق الأرض ومغاربها قامت الادارة بإرسال وفود الى الخارج وقامت بتفعيل عدد من المكاتب الخارجية على سبيل المثال (القاهرة – الدوحة – الرياض – جدة – وقريبا الامارات) وذلك لتيسير أمر الوثائق الثبوتية للسودانيين بالدول المختلفة في الإقليم وخارجه وقد اجتهدت الادارة العامة في تطوير انظمتها وكان نهجها (الابتكار والجودة تحت شعار ” سعداء بخدمتكم “..)

الادارة تستحق التكريم للإنجازات الكبيرة التي قامت بها في ظل الظروف التي مرت بها البلاد ،و وضعها للحلول العاجلة في وقت وجيز خاصة وأن من قاموا بكل هذا العمل عملوا بجهد ودون كلل ودون حتى النظر إلى الجو العام الذي يوحي بالتراخي إلا أن رجال الإدارة وعلى رأسها سعادة المدير العام اللواء عثمان دينكاوي وطاقمه من مهندسين و ضباط وجنود قاموا بكل ما سبق دون ضغط من أحد أو انتظار أحد فقد كان دافعهم الهم الوطني في المقام الأول لأنهم يعلمون أن فقدان الهوية يعني فقدان الرابط مع الوطن لذا فقد كان الحرص هو إثبات الهوية للجميع من أجل وطن معافى ومواطن يحب بلاده ويعمل من اجلها.

بورتسودان – عمر الكردفاني