والي شرق دارفور: مجتمع الشمال متقدم على دارفور من حيث عدم التعصب القبلي
بإعتراف محمد عيسى عليو والي شرق دارفور : مجتمع الشمال متقدم على دارفور من حيث عدم التعصب القبلي والتماهي مع مطلوبات الدولة القومية !!
(مكرر من 14 أكتوبر 2022م)
إن محمد عيسى عليو ليس مجرد حاكم لولاية سودانية دارفورية ، بل هو أيضا أكاديمي وباحث ، وله مؤلف أنصح كل مهتم بالمعضلة الدارفورية الإطلاع عليه من أجل فهم أعمق ، وهو :
الإدارة الأهلية من المهد إلى اللحد – دراسة عن نظام الإدارة الأهلية وتطوره للفترة من 1922 – 1970م – 2015م.
وفي 1987م صدر قرار مجلس الوزراء بخصوص معالجة أمر الإدارة الأهلية وقد صنف ذلك القرار الإدارة الأهلية على ثلاثة مستويات حتى تاريخ تصفيتها في عام 1970م من قبل نظام مايو ( جعفر محمد النميري) وحدد لجنة برئاسة دكتور آدم محمود مادبو ومعه آخرون.
إن الدكتورآدم محمود موسى مادبو كان وقتها وزير الطاقة والتعدين وهو نفسه قد شغل سابقا منصب وزير الدفاع 1966م – 1967م ، وهو إبن ناظر الرزيقات القبيلة الدارفورية ، فأين هو إذن التهميش المزعوم في عدم تسنم أبناء دارفور للمناصب الهامة ؟
وفي توصيات اللجنة تلك : ( ومن الملاحظ أن اللجنة لم تذكر القبائل في الإقليم الشمالي بعكس التركيز على المسميات القبلية في الأقاليم الأخرى ، ولكن رئيس اللجنة في مقابلة له مع الباحث قال إن الإقليم الشمالي ليس معنيا بإعادة الإدارة الأهلية للتطور الذي شمله والتخلص التدريجي من النوازع القبلية لذلك اكتفت اللجنة بتوصية إعادة مشايخ الخطوط وكافة العموديات التي شملتها التصفية وإعادة الإدارة الأهلية في مستوى مشايخ الحارات والأسواق بكافة الإقليم الشمالي ، وسكتت عن إعادة النظارات والمكوك والملوك.( الإدارة الأهلية من المهد إلى اللحد – دراسة عن نظام الإدارة الأهلية وتطوره للفترة من 1922 – 1970م -د. محمد عيسى عليو – 2015م – ص 16)
وبالنسبة للإقليم الشمالي لم تذكر اللجنة قبائل الإقليم وإنما تقدمت بالتوصيات التالية :
1- إعادة مشايخ الخطوط
2- إعادة كافة العموديات التي شملتها التصفية.
3- إعادة مشايخ الحارات والأسواق بكافة مدن الإقليم.
أما قبائل معتمدية الخرطوم ووفقا لتقرير لجنة مادبو السابق ذكرها فقد أشارت للقبائل على النحو التالي : البطاحين والجموعية وقبائل المنطقة الشمالية والغربية للخرطوم. ( الإدارة الأهلية من المهد إلى اللحد – دراسة عن نظام الإدارة الأهلية وتطوره للفترة من 1922 – 1970م -د. محمد عيسى عليو – 2015م – ص 16)
إذن فأن توصيات لجنة وزارية برئاسة دارفوري رزيقي تشهد بأن الإقليم الشمالي تلاشت فيه نوازع القبلية حتى لم يعد مهما إعادة تأسيس الهياكل القديمة التاريخية ، وهذه مرحلة متقدمة في التطور الحضاري تؤهل أصحابها لتسنم مواقع القيادة والريادة في الحكم لأنهم وبكل بساطة قوميين فلا يتوقع أن يمالئ على سبيل المثال أحدهم إبن قبيلته على الآخرين وهي من أهم المقومات النفسية والأخلاقية لشغل المنصب العام ، وهذا يقودنا لسؤال منطقي جدا : أي المجتمعين أكثر تأهيلا لتسنم أفراده المناصب العليا على المستوى القومي ؟ وأيهما إذا تولى الحكم سيكون قاطرة تقود الآخرين إلى الأمام أو تجرهم إلى الخلف ؟
إن الإجابة على مثل هذا السؤال ليست سهلة بهذا أو ذاك ، لأن الباحث مثله مثل آخرين يرى أن قرار تصفية الإدارة الأهلية في 1970م والذي تم اتخاذه في زمن مايو (جعفر محمد نميري) كان من توابعه وتبعاته تفكك وتسيب الإنضباط المجتمعي وهو من العوامل التي قادت لتصاعد الإضطرابات في دارفور ، ومن هنا يمكننا الزعم بأن ذلك القرار في 1970م كان تطورا طبيعيا في الشمال لكن تأثيراته كانت سالبة جدا على مجتمعات العصبيات القبلية.
#كمال_حامد 👓