تقرير: روسيا تستخدم صواريخ كوريا الشمالية في مهاجمة أوكرانيا
يرى الباحث الأمريكي ديني روي أن قرار كوريا الشمالية بتسليح روسيا بصواريخ باليستية يجب أن يستدعي ردا قويا من جانب الولايات المتحدة وحلفائها.
ويقول روي، وهو زميل بارز بمركز إيست – ويست البحثي في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست إن “محور الشر” أصبح أكثر واقعية.
وقال منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي في الرابع من يناير إن روسيا أطلقت على أوكرانيا “عدة” صواريخ باليستية زودتها بها كوريا الشمالية خلال الأسبوع الماضي. وكانت بيونج يانج توفر بالفعل أسلحة للروس. وفي عام 2022، أدانت واشنطن كوريا الشمالية لإرسالها ذخيرة مدفعية إلى روسيا.
ومع ذلك، فإن توفير الصواريخ البالستية يمثل تصعيدا كبيرا.
وبما أن مجلس الأمن الدولي أعلن أن برنامج الصواريخ البالستية لكوريا الشمالية غير قانوني، فإن هذا سيكون انتهاكا لعقوبات الأمم المتحدة.
ويرى روي أن الصواريخ البالستية لها مدى أطول من المدفعية، مما يعني أنها ستساعد الروس في ضرب البنية التحتية المدنية بعيدا عن خطوط المواجهة.
وتمثل المساعدة العسكرية الكورية الشمالية وسيلة أخرى يمكن للرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خلالها إطالة أمد الغزو الروسي. ويحدث هذا التطور في وقت حاسم تحتاج فيه الحكومتان الروسية والأوكرانية إلى الإشارة إلى قدرتهما على الحفاظ على قواتهما فيما أصبح حرب استنزاف.
ويعزز هذا بشكل عام اتجاها مقلقا يتمثل في تعاون كتلة من خصوم الولايات المتحدة للوقوف في وجه جدول الأعمال العالمي الأمريكي، ليس فقط بالوسائل الاقتصادية والدبلوماسية، ولكن أيضا عسكريا.
وبحسب روي، ساعدت الصين بالفعل بشكل مادي العدوان الروسي على أوكرانيا ومن المحتمل أن تكون قد انتهكت تعهدها بعدم توفير الأسلحة. ويقال إن روسيا تخطط لشراء صواريخ باليستية من إيران لاستخدامها ضد أوكرانيا. والآن، أصبحت كوريا الشمالية جزءا من تحالف يخوض ما يعتبره العديد من المراقبين حربا بالوكالة بين الكتلة الروسية الصينية والغرب.
وتزيد المساعدة العسكرية الملموسة التي تقدمها كوريا الشمالية لروسيا من مخاوف إمكانية تعاون أعضاء هذه الكتلة بطرق أخرى. والاحتمال الواضح هو قيام كوريا الشمالية بعمل عدواني في شبه الجزيرة الكورية بالتنسيق مع هجوم عسكري صيني على تايوان. وقد ترى بكين وبيونج يانج فائدة متبادلة في مواجهة الولايات المتحدة بأزمات متزامنة يمكن أن تغرق قدرة الولايات المتحدة على معالجة أي منهما بشكل فعال.
واعتبر روي أن استعداد كوريا الشمالية لتزويد روسيا ببعض الأسلحة التي تستخدمها لقتل الأوكرانيين يتناسب مع نمط أوسع من السلوك الأخير لنظام كيم. فقد عرقلت بيونج يانج محاولات الحكومة الأمريكية لإعادة فتح الحوار الثنائي، وأعلنت أن إعادة التوحيد مع كوريا الجنوبية أمر مستحيل، والتزمت بعدم التخلي أبدا عن ترسانتها النووية، التي تعمل الآن على توسيعها. ورفض كيم حلم الرئيس الكوري الجنوبي السابق “مون جاي إن” بالمصالحة والتكامل الاقتصادي بين الكوريتين، كما رفض رؤية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لمساعدة كوريا الشمالية على اكتساب الثروة من خلال ربط نفسها بالاقتصاد الرأسمالي العالمي.
وبدلا من ذلك، خلص كيم إلى أن أفضل ما يخدم مصالحه هو الارتباط الوثيق مع الصين وروسيا، حتى لو كان لدى بيونج يانج ما يكفي من الاهتمام بسمعتها الدولية لإنكار أنها تساعد في تسهيل العدوان الروسي.
ويقول روي إن قرار كوريا الشمالية بتسليح روسيا بالصواريخ الباليستية يجب أن يفرض ردا قويا من الولايات المتحدة وحلفائها.
وعلى الرغم من أن سول حليفة الولايات المتحدة قوة تصنيع ومصدر عالمي رئيسي للأسلحة، إلا أنها قاومت تقديم مساعدات فتاكة لأوكرانيا مباشرة حتى الآن. وتحظر سياسة كوريا الجنوبية توفير الأسلحة للدول الأجنبية التي في حالة حرب. ومع ذلك، فإن تدخل كوريا الشمالية يجعل حرب أوكرانيا أكثر صلة بشبه الجزيرة الكورية، وسيكون حافزا مناسبا لحكومة كوريا الجنوبية للإعلان عن استثناء لسياستها المعتادة.
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فإن العقوبات الإضافية الرمزية المعتادة ضد الأفراد والكيانات الكورية الشمالية من قبل واشنطن ستكون ضعيفة. كما لا يمكن لواشنطن أن تعتمد على تحرك ذي مغزى من قبل مجلس الأمن الدولي، حيث تتمتع روسيا والصين العضوان في الكتلة بحق النقض (الفيتو).
ويتمثل الرد الأمريكي المناسب في زيادة المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا لتعويض المساعدة التي تحصل عليها روسيا من كوريا الشمالية. وهذا التصعيد في حرب أوكرانيا، المتمثل في الصواريخ الباليستية الكورية الشمالية، يزيد من تشويه سمعة سياسة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن المفرطة في الحذر المتمثلة في حرمان أوكرانيا من الأسلحة بعيدة المدى والطائرات المتقدمة خوفا من استفزاز روسيا.
ويقال إن المئات من صواريخ “أتاكمز” الموجودة في مخزونات الولايات المتحدة من المقرر تحويلها إلى خردة لأنها وصلت إلى تاريخ انتهاء صلاحيتها أو اقتربت من ذلك، ولكنها لا تزال صالحة للاستخدام. ويجب أن يكون نقل هذه الأسلحة إلى أوكرانيا أمرا لا يحتاج إلى تفكير.
ويؤكد روي أن مساعدة أوكرانيا تدعم النظام العالمي الليبرالي، الذي تعد واشنطن الراعي الرئيسي له والمدافع عنه. وعلى العكس من ذلك، فإن الفشل في مساعدة أوكرانيا، خاصة وأن الخصوم الآخرين يساعدون روسيا، من شأنه أن يمكن الكتلة الصينية الروسية.
ومع ذلك، يرى روي أن الاستمرار في تمويل أوكرانيا يثير جدلا متزايدا بين الأمريكيين. ويعرقل بعض أعضاء الكونجرس الجمهوريين 61 مليار دولار من المساعدات الأمريكية الجديدة لأوكرانيا، ويرجع ذلك أساسا إلى أنهم يريدون الحد من التزامات التمويل الأمريكية في الخارج (إذ لا تزال إسرائيل وتايوان في القائمة)، وإنفاق المزيد من الأموال لحل المشاكل الداخلية مثل إدارة الهجرة عبر الحدود الجنوبية للولايات المتحدة.
ويخلص روي إلى أن قيام كوريا الشمالية بدور أكثر نشاطا في حركة أكبر للإطاحة بالمعايير والترتيبات العالمية التي تدعمها الولايات المتحدة هو مؤشر آخر على أن التكلفة التي يتحملها الأمريكيون للحفاظ على قيادة العالم آخذة في الارتفاع. ولن تشمل التكلفة تمويلا إضافيا لأوكرانيا فحسب، بل ستشمل أيضا توسعا كبيرا في القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية. ويبدو أن كيم وغيره من خصوم الولايات المتحدة مستعدون لخوض اللعبة الطويلة.
الشروق نيوز – واشنطن (د ب أ)