رأي ومقالات

*كَبُرَ مَقْتَاً عِنْدَ اللهِ وعند النَّاس أنْ تقُولوا ما لا تفعلون*

🌍تعُجُّ الساحة الدولية بقدرٍ وافرٍ من الأحداث المفصلية المؤثرة في مسيرة الحاضر والمستقبل الإنساني ، وسبق أن ذكرت في مقالٍ سابقٍ أن سقوط الاتحاد السوفياتي وما تلاه من تفكك الاتحاد اليوغسلافي وانشطار تشيكوسلوفاكيا قد كانت ابتداراً لدورةٍ جديدةٍ في التاريخ الإنساني ، واحتدمت بأحداث الحادي عشر من سبتمبر وما تبعها مما سُمِّي بالحرب على الإرهاب ، ودخول العالم في سلسلة من الأزمات الإقتصادية بدأت بأزمة الديون الأوربية ، ثم فقاعة الرهن العقاري الأمريكي التي دحرجت كرة الثلج الاقتصادية حتى تجاوز حجم الدين الأمريكي الأربعة والثلاثين تريليون دولار بمتوالية تتجاوز نسبة تسارعها المليار دولار يومياً ، ولم تتوقف محطات دورة التاريخ الجديدة بجائحة كورونا التي جنحت بكل قِيَم العالم الليبرالي ، ولم يعدو Covid19 ولقاحه على أن يكون تمظهراً أولياً سالباً لانفجار التطور التكنولوجي الذي سيفوق تأثيره على الحياة في الأرض بأكثر مما ترتب على إثر الانفجار الكمبري The Cambrian Explosin ، وقد استتبع كل ذلك وقوع العديد من الزلازل الارتدادية الدولية ، ومنها:
1️⃣صراعات النفوذ والاستحواذ ما بين الشرق والغرب 2️⃣حروب المياه وأزمة الغذاء العالمي 3️⃣نقص موارد الطاقة التقليدية والسباق المحموم على موارد الطاقة البديلة والنظيفة 4️⃣أمن البحر الأحمر 5️⃣أزمة الدولار والتجارة العالمية 6️⃣التهديد الوجودي لإسرائيل 7️⃣الاستشراف الأوربي لغروب شمس رفاهيته 8️⃣إخصاء مجلس الأمن الدولي وعجزه عن القيام بواجباته بسبب الانقسام العميق بين الدول دائمة العضوية 9️⃣الحروب والصراعات والثورات والانقلابات في المستوى الإقليمي والتي تأتي جميعها كإنعكاس لمنعطفات دورة التاريخ 🔟حرب الكرامة كتجسيد واقعي وموضوعي لمعظم ما سبق ذكره.
🌍الولايات المتحدة وبعد انتصارها في الحرب العالمية الثانية سرعان ما تبين لها ضرورة حفظ مصالحها ضمن تحالف دولي فأسست الناتو ١٩٤٩م ، ومن بعده أسس الاتحاد السوفياتي حلف وارسو ١٩٥٥م ، وفي ذات العام تحالفت دول عدم الانحياز في باندونغ ، وهكذا تعيش الدول ضمن تحالفات سياسية واقتصادية وعسكرية ، فذئاب المجتمع الدولي لا تأكل إلا من الدول القاصية .. والسودان بما يذخر به من ثروات وموارد وموقع وما يعانيه من تضعضع سياسي وصراع عسكري في ظل الاستقطاب الدولي الحاد لدول الجنوب ولا سيما المتأرجحة منها .. قد جعل من السودان فريسةً تكأكأت عليها المفترِسات من كل صوبٍ وحدَب .. وبلغت المطامع في السودان أن دولةً مجهرية القِيَم والمساحة والتاريخ والسكان كالإمارات أصبحت تعمل جهاراً لاستعمار السودان بعد أن سلبته قراره الوطني لسنوات ، وعجز السودان عن وجود حليفٍ له نابعٌ من استلاب قراره الوطني ، وتوهان بوصلته ما بين الاستتباع إذعاناً للضغوط الدولية ، واستعادة السيادة استجابةً للإرادة الوطنية ، وأما مقولة لا لسياسة المحاور التي يجأر بها من ارتموا في حضن محور الإمارات فهي مقولةٌ توازي في غبائها وعمالتها مقولة لا للحرب.
🌍انزلق الناس في غياهب سياسة الإلهاء .. هل قائد المليشيا حيٌّ أو ميت ، وغفلوا عن أنه مجرد زومبي لا فائدة من دراسته أو تحليله فلا دواء له سوى استكمال سحقه ، ثم غرق الناس في لجاج كلمةٍ قالها السيد البرهان في جبيت ، وقد قال أبوبكر الصديق وسلمة بن سلامة بن وقش في حضرته ﷺ ما هو أوقع منها ، ونسي القوم بأن السودان لا يريد من السيد رئيس مجلس السيادة أن يتحول إلى ظاهرةٍ صوتية ، ولا الحرب تحتاج منه بلاغةً لفظيةً تتناقلها غُرف الأخبار ، بقدر ما نريد منه نجاعةً في الأفعال واتخاذ القرار ، فطالما كان السيف أصدق إنباءً من الكُتب ، وقد أسرف سيادته في سالف الأزمان من قول الشئ وفعل ضده حتى أسهم بنفسه في تآكل مصداقيته بالداخل والخارج ، فما عاد للسودان اليوم من الدول صديقٌ صدوق ، وتداعت عليه حتى بُغاث الدول من إفريقيا ، وبات الشعب والجيش يستفزهم الكثير مما يقول سيادته ويفعل .. وفصل الخطاب أن نرى من سيادته عزماً في حِزمة قراراتٍ ضروريةٍ يُصدِرها ليصدق قوله فعله ، ومن ذلك:
🔴أهمية وضوح الموقف الوطني والثبات عليه .. في أن لا بديل سوى هزيمة المليشيا ومن ورائها ، والتأكيد العملي لقداسة الإرادة الوطنية ورفض الإملاءات الغربية والإقليمية ، وضرورة بلورة وتدعيم وتوظيف الجبهة الوطنية (السياسية والفئوية والمجتمعية) دون خوفٍ أو استحياء ، وأهمية معاداة الدول التي بدأتنا بالعداء استجابةً لمبدأ المعاملة بالمثل Reciprocity وتسببت في سفك الدماء وتسعى لوقوع البلاد تحت حكم زبانيتها من العملاء .. وهذه المطلوبات الوطنية وحدها كافيةٌ لاجتذاب الأصدقاء والشرفاء من الدول التي تتلاقى مشاغلها ومصالحها مع السودان.
🔴إعلان حالة الطوارئ في البلاد لاستكمال الشرعية فيما سيجري اتخاذه من قرارات ولإطلاق يد القوات النظامية والمقاومة الشعبية في استئصال التمرد وتطهير البلاد من جراثيم العمالة والإرتزاق.
🔴الأهمية القصوى لتشكيل حكومة مُقتدِرة (حرب/طوارئ/كفاءات) تقوم بواجبات الدولة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والخدمية وغيرها ، فتغييب وإضعاف الجانب التنفيذي للدولة لأكثر من عامين قد ساهم في تسييل ما تبقى من مؤسسات الدولة ، وخدم التمرد وعملاؤه ، ولم يحقق أي هدف وطني ، وفتح الباب على مصراعيه لاتهام السلطة بالتواطؤ في ترك البلاد نهباً للدمار.
🔴رعاية واستكمال تسليح المقاومة الشعبية في كل الولايات واستمرار التعبئة العامة ، ورعاية استنفار مقاومة شعبية لرجال الإعلام وأخرى لرجال الأعمال ، وأهمية إحكام قنوات التنسيق ما بين الجهود الشعبية والرسمية.
🔴تكوين مجلس حرب (مجلس الأمن والدفاع) يقوم بإجازة خُطة شاملة (عسكرية ، سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية ، إعلامية ، دبلوماسية ، ..الخ) لإخضاع التمرد على امتداد التراب الوطني.
🌍إن النصر على مليشيا الارتزاق وعملائها حتميٌّ لا شك فيه ، ولا يوخره إلا فتور العزم والحزم لقيادة الدولة وتباطؤها عن اتخاذ ما ليس منه بُد ، والمليشيا اليوم قد تبعثرت في مساحاتٍ شاسعة تصعب معها القيادة والسيطرة والإمداد والاتصال ، وقد بدا ذلك واضحاً إذ تنشب المعارك فيما بينها كل يوم ، فهي زَبَدٌ لجلَجٌ ما يبرح أن يذهب جُفاءاً بمجرد أن ينتضي أهل الحق للنصر عزماً وحزماً .. وجيشكم وشعبكم سيدي الرئيس في الميادين يزأر ، تغلي دماؤهم في عروقهم غضباً ليثأر ، وقد سمع خطابكم ، وينتظر أفعالكم ، وبقي أن تُتبعوا القول بالعمل ، وأسأل الله أن لا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثا.
*ولا خير في حِلْمٍ إذا لم تكن له*
*بوادر تحمي صفوه أن يُكَدَّرا*
*ولا خير في جهل إذا لم يكن له*
*حليمٌ إذا ما أوردَ الأمر أصدرا*
*ففي الحلم خير في أمور كثيرة*
*وفي الجهل أحيانا إذا ما تعذَّرا*

اللواء (م) مازن محمد اسماعيل