نزار العقيلي: (مرتع صبانا)
بيحكي لي الكابتن خالد حداثة بيقول لي مشينا نزور واحد صاحبنا ساكن مع عزابة في ابو ظبي و لامن دخلنا عليهم لقينا بيتهم نضيف و مرتب فقلنا ليهم ماشاء الله عزابة مجيهين قاموا كلهم ضحكوا و قالوا ليهو ياخ زولك ده صحانا من الصباح و قال لينا قوموا نضفوا البيت و فرشوا الملايات عشان جايننا اولاد بحري زيارة و ناس بحري ما بحبو الخمج و الوساخة .
و دي حقيقة .. الوساخة و الخمج ما بينفعوا معانا و الله و الليلة من الصباح هاجت مشاعري تجاه بحري و ناسها بعد ما فتحت الفيسبوك لقيت هدى عربي بتتكلم عن بحري و ناس بحري .. ما تتخيلوا انا سرحت قدر شنو في البوست بتاعها .. مشيت بعيد خلاص .. في ناس كتيرة لامن تسمعنا او تقرا لينا حاجة عن بحري بيستغربوا و ديل بنعذرهم لانو ما بعرفوا حاجة عنها و لا عن مجتمعها و لا ح يصدقوا إنو بحري دي عبارة عن بيت واحد واسرة واحدة .
السياسة مؤخرا في بلدنا قدرت إنو تخلق خلافات كبيرة بين الناس على مستوى الشارع و الحلة و الاسرة لكن في بحري الحاجة دي ما حصلت ابدا” .. نختلف مع هدى عربي في طرحها وتناولها للشأن العام لكن تظل هدى عربي بت بحري الأصيلة و بت حلة خوجلي ( الكوبية ) على فكرة هدى دي صوتها ما بيسوى شئ قدام صوت امها .. هدى دي قامت وسط مجتمع فني و صوفي و اسرة مبدعة .. دائما بتذكرني الراحل خضر بشير لانها من فصيلته .. من النوع البتسيطر عليهو الموسيقى و تخليهو يتحرك ذي الدرويش في حلقة الذكر .. خضر بشير كان بيقول لامن يسمع الوسيقى حتى اضنينو بيتحركو و يرقصوا و هدى كذلك .. و لو قعدنا اتكلمنا عن حلة خوجلي ما ح نقيف و لا ح نخلص لانو كل شارع و زقاق فيها عندو قصة و تاريخ و شخصيات تركت بصمات في وجدان الشعب السوداني و تاريخه .. عايزين مساحات كبيرة عشان نتكلم عن اولاد و بنات حلة خوجلي من الفريق الفاتح عروة لحدي المرحوم قدورة و ( شنقوطة ) .. قبل كده قلت ليكم لو دخلت الدناقلة و سالت عن زيد من الناس ح يقولوا ليك الزول ده ساكن شمبات و يوصفوا ليك البيت احسن من خرائط قوقل .. و دي حاجة من المستحيل نلقاها في اي مجتمع من مجتمعات المدن في كل العالم .. كل الناس بحري بتتعارف و تتواصل مع بعض من الأملاك لحدي الجيلي .. و لامن زول من بحري يختلف مع اخوانه مافي زول بيقدر يسئ ليهو او يشاكلو .. اتحداكم تجيبو لي نجمين او فنانين من بحري اختلفوا و طلعت خلافاتهم للعلن .. مستحيل .. جمال فرفور من الصبابي و انا من الشعبية لكن مهما فعل او اخطاء جمال ما بقدر اسل قلمي او سكيني في جمال .. باكلها في حشاي .. اتفه و احقر من انجبتهم بحري هو المدعو سندالة ود الديوم لكن ما قدرت اني اهاجمو او افتح فيهو النار رغم إني بعرف تاريخه من ولدوهو لحدي ما اصبح مساعد بياع تلج و دعامي .. ما بنقدر نهاجم بعض او نفجر في خصومتنا لاننا بنشعر انو احنا اولاد حوش واحد .. كلنا درسنا في شارع واحد و دخلنا بيوت بعض و اكلنا من جوبي و من سلا و استحمينا في ( المربعة ) و مكاتب شمبات و سرقنا المنقة من جناين الصبابي .. كضاب البقول ليك هيثم مصطفى و العجب اتشاكلو .
في كل حي من احياء بحري لازم نلقى فنان ولاعب كورة و سياسي و ضابط عظيم .. كل حي فيهو شخصيات وضعت بصماتها في تاريخ السودان .. حتى ( ابو اللول ) اكبر ظرفاء بحري بنفكر إنو نعمل ليهو نصب تذكاري جنب استاد التحرير .. هسه سعد الكابلي ده انا زعلان منو عايز اطرشق لكن ما بقدر اشاكلو .. ابوهو كان ابونا .. كان بيدفع لينا اشتراك الكتب في مكتبة ( الارقم ) في شارع المدارس .. كذلك الدكتور عبد الله جعفر اول الشهادة السودانية و احد عباقرة بحري لكن مهما اختلفنا معاهو ياهو ود بحري يعني حتة مننا .
هسه رغم العزاب العايشنو سكان بحري إلا إنهم لسه صامدين و حارسين بيوتهم و بيوت جيرانهم الفاضية و لحدي الليلة بيطلعوا شباب الشعبية بالعجلات يتفقدوا سكان خوجلي و حمد و الختمية و الدناقلة و المزاد و شمبات .. عاينو للاستاذ و البطل طه سليمان و هو حايم بالسفنجة وسط اهله في شمبات و بيطلع يتفقد ناس الشعبية و الديوم .. زول قادر إنو يطلع و يعيش في اجمل مدن العالم لكن من اول طلقة في الحرب و لحدي هسه قاعد في فريق العرب .. بيفطر في فريق المحس و يتغدى في ( صرص ) و يستحمى في النيل .
حتى تجار و رجال اعمال و مغتربين بحري قدموا دروس في الرجالة و الشهامة و الكرم لو حكينا عنها لي بكرة ما ح نخلص .. عمنا ابو ياسين صاحب سوبر ماركت ابو ياسين في شارع المعونة كان اول تاجر يفتح محلاته و يقول يطلب من الناس انو يشيلو كفايتهم من الاحتياجات لوجه الله تعالى .. دفع كل ما يملك عشان سكان بحري و اهلها بدون تردد او تفكير .
الحصل في الجنينة و في الجزيرة ما حرك فيني ولا شعرة والله .. كان حاجة عادية جدا” .. مش في ناس بيقولوا ليك لامن يموت ليهم عزيز تاني ما بيشعروا باي حزن لامن يموت ليهم زول ؟ .. اها ده الحاصل علي بالزبط .. لو اندفنت كل الولايات ما ح نحزن عليها لانو حزننا على بحري خلانا نشوف اي كارثة تاني عادية جدا” .
نزار العقيلي
