بعد مقاطعة إثيوبيا والسودان لقمة “إيغاد”.. هل تدب الانقسامات في البيت الأفريقي؟
أثار الغياب السوداني والإثيوبي عن قمة “إيغاد” التي عقدت في كمبالا في أوغندا، الخميس الماضي، الكثير من التكهنات حول مستقبل المنظمة في ظل إخفاقها في معالجة القضايا الأفريقية، الأمر الذي يهدد مستقبلها.
ويرى مراقبون أن “إيغاد” لم يحالفها النجاح في غالبية القضايا التي أسندت لها، بل على العكس تم توجيه العديد من الاتهامات لها مثل عدم الحيادية والميل تجاه طرف على حساب الآخر، ويرى آخرون أن استمرار المنظمة بنفس وتيرة وطريقة العمل قد يصيب أعضاءها بالفتور والملل وربما الإعلان عن مغادرتها، لذا على المنظمة أن تتخذ من الشفافية والحيادية منطلقا لها في المرحلة المقبلة ووضع استراتيجيات حازمة لحل قضايا دول القارة ومنع تفاقم الأزمات.
بداية، يقول ياسين أحمد، رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية، إن عدم مشاركة إثيوبيا في قمة “إيغاد” الأخيرة في أوغندا، جاءت بسبب الارتباطات الحكومية الخارجية والمعدّة قبل أشهر من انعقاد تلك القمة، وعدم الحضور لا يعني خلافات داخل هيكل الاتحاد الأفريقي.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “بتقديري أن الأسباب وراء عدم مشاركة إثيوبيا والسودان في قمة الإيغاد بأوغندا مختلفة تماما عما يتحدث عنه البعض بوجود خلاف مع منظمة الإيغاد”.
وتابع أحمد: “حسب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الإثيوبية والذي أكد على السبب في عدم مشاركة أثيوبيا تعود إلى ارتباط رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي، لقد كانا مرتبطين بزيارة خارج البلاد حددت مسبقا قبل أشهر بينما تم تقديم الدعوة لإثيوبيا من رئيس جمهورية جيبوتي التي ترأس منظمة الإيغاد قبل أسبوع واحد من انعقاد القمة”.
وأشار رئيس المعهد الإثيوبي، إلى أن الخرطوم قد تكون لها أسباب مختلفة دفعتها إلى عدم حضور قمة “إيغاد” في أوغندا برئاسة قائد الجيش السوداني ورئيس المجلس السيادي الفريق عبد الفتاح البرهان، وغالبا هي أسباب سياسية.
وتابع أحمد، أن ما دفع البرهان لعدم الحضور ربما تكمن في الأساس في رفض البرهان لدعوة منظمة “إيغاد” قائد الدعم السريع حمدان دقلو حميدتي لتلك القمة التي انعقدت في أوغندا الأسبوع الماضي، مع العلم أن رئيس مجلس السيادة كان قد وافق على حضور تلك القمة بمشاركة حميدتي قبل أن يتم تأجيلها لأسباب لوجستية للموعد الذي عقدت فيه الأسبوع الماضي.
وحول ما إذا كانت تلك الخلافات بداية لانقسامات بين دول القارة السمراء في هذا التجمع الأفريقي (الاتحاد الأفريقي)، يقول أحمد: “حسب ما لاحظت لا يوجد انقسام الآن داخل الاتحاد الأفريقي، لا أعتقد أن غياب إثيوبيا والسودان عن قمة الإيغاد الأخيرة يمكن أن يتسبب في شروخ داخل البيت الأفريقي”.
ولفت أحمد، إلى أن الموقف المبدئي من حق إثيوبيا في الحصول على منفذ بحري و حصول حميدتي على دعم من دول الاتحاد الأفريقي هي المواقف المبدئية التي يمكن البناء عليها والحديث عن تماسك أو انقسام الاتحاد الأفريقي خلال الفترة المقبلة، كل ما يجري اليوم من خلافات وصراعات يمثل “بالون اختبار” للقوة والقدرة الأفريقية على تجاوز العقبات.
في المقابل، يقول وليد علي، المحلل السياسي السوداني: “الإيغاد لم تقدم أي إنجاز يذكر منذ اتفاقية نيفاشا التي تمت بموجبها اتفاقية السلام الشامل بين السودان وجنوب السودان، وعليه فإنها لم تتلق أي دعم كبير من المجتمع الدولي منذ العام 2011″.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”: “بعد تجميد السودان لعضويته بهذه المنظمة وتجاهل إثيوبيا للقمة الأخيرة التي كانت سوف تناقش القضية الأثيوبية الصومالية والأزمة السودانية، فإنه من الواضح إن الإيغاد لم تعد جهة مؤثرة كما كانت في السابق”.
وأكد علي، أنه في الفترة الأخيرة بعد توسع الصراعات والنزاعات تم توجيه العديد من الاتهامات إلى منظمة “إيغاد” بأنها خاضعة لنفوذ بعض دول الإقليم والمجتمع الدولي.
وتوقع المحلل السياسي، أنه إذا استمر حال منظمة “إيغاد” على نفس المنوال في معالجة القضايا الداخلية والخارجية للاتحاد، أن تسود الدول الأعضاء حالة من الفتور وعدم رغبة بالاستمرار في تلك المنظمة، وسوف تواجه “إيغاد” مشكلة كبيرة في إقناع الدول الأعضاء بها في الاستمرار، إذا لم تغير من سياسة إدارتها للملفات الحالية في المنطقة.
ولفت علي، إلى أن “إيغاد” قد فشلت قبل أعوام قليلة في احتواء الأزمة الإثيوبية بين الحكومة و جبهة تيغراي، كما أنها فشلت في احتواء أزمة “الفشقة” بين السودان وإثيوبيا و لم تقدم أي حل لأزمة “سد النهضة”.
أعلنت وزارة الخارجية السودانية، منذ أيام قليلة تعليق تعاملها مع الهيئة الحكومية للتنمية لدول شرق أفريقيا (إيغاد) التي توسطت لإنهاء القتال الدائر منذ شهور بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وأفادت وكالة الأنباء السودانية – سونا، بأن “هذا القرار يأتي نظراً لتجاوزات ارتكبتها المنظمة بإقحام الوضع في السودان ضمن جدول أعمال القمة الاستثنائية الثانية والأربعين لرؤساء دول وحكومات إيغاد والتي عقدت في العاصمة الأوغندية كمبالا، يوم الخميس الماضي، دون التشاور مع السودان، ودعوة قائد المليشيا للحضور في مكان انعقاد القمة الطارئة بكمبالا، في سابقة خطيرة في تاريخ إيغاد والمنظمات الإقليمية والدولية الأمر الذي اعتبره السودان انتهاكاً لسيادته فضلا عن كونه مخالفة جسيمة لمواثيق إيغاد، والقواعد التي تحكم عمل المنظمات الدولية والإقليمية”، حسب البيان.
وكان المستشار القانوني لقائد قوات الدعم السريع، محمد المختار النور، قال لوكالة أنباء “العالم العربي”، إن “الدعم السريع وافقت على حضور قمة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) بغض النظر عن موقف الحكومة السودانية من هذه القمة”.
وكانت “إيغاد” قد دعت رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إلى قمة تستضيفها أوغندا، في 18 يناير/ كانون الثاني الجاري، لبحث النزاع السوداني.
ورفض مجلس السيادة برئاسة البرهان، يوم السبت الماضي، حضور القمة، بينما أعلن دقلو موافقته على تلبية الدعوة الأفريقية.
وتشهد العاصمة الخرطوم والمدن المجاورة لها قتالا عنيفا بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، منذ منتصف نيسان/ أبريل 2023، إثر خلافات سياسية وأمنية، تسببت في نزوح أكثر من 5 ملايين سوداني داخل وخارج البلاد، بالإضافة إلى مقتل أكثر من 5 آلاف من المدنيين.
وكالة سبوتنيك