أمننا المائى .. وجرائم الصهاينة فى غزة وإفريقيا
محاكمة القرن التى أقامتها دولة نيلسون مانديلا الشهيرة بجنوب إفريقيا حركت مزيدا من غضب شعوب الأرض ضد ما يرتكبه سفاحو إسرائيل من تصفية عرقية وإبادة جماعية لأبناء فلسطين وازداد انكشاف الكيان الإرهابى الصهيونى بدفوعه الهزيلة وأكاذيبه وهرتلته أمام محكمة العدل الدولية والتى جعلت محامى الإرهابيين يدعى أن أحدهم قد خلط أوراق مذكرة دفاعه وعكس اضطراب الدفاع ما يعيشه كيان الاحتلال من اضطرابات وأزمات داخلية أكدت فشله بقواته وحتى بدعم الطاغوت الأمريكى وانتصار المقاومة بحقها وإيمانها بقضيتها وأرضها رغم ما سقط من مئات الآلاف من الشهداء والجرحى وليتواصل الدرس الايمانى والاخلاقى لانتصار الحق وأصحابه ومهما كان جبروت المعتدين الصهاينة وقد نشرت صحيفة المصرى اليوم 2024/1/15 عددا تاريخيا بعنوان (100 يوم من العدوان) يوثق بالأرقام وبحوارات مع المجاهدين الأبطال وأقارب الشهداء والأسرى ويفضح 17 جريمة من أصل 25 نصت المواثيق الدولية على أنها جرائم إبادة وحاول السفاحون والقتلة الصهاينة أن يبرروا جرائمهم التى تتجاوز الأبشع فى تارخ الطغاة والسفاحين فى التاريخ والذين يعلنون أن من حقهم أن يقوموا بحماية أنفسهم وهو ما لا ينطبق إلا على المساحات التى أخذوها بجريمة التقسيم بينما تظل غزة جزءا من الأراضى التى احتلت بعد 1967 والتى تفرض القوانين الدولية التى لم يحترم الاحتلال واحدا منها أن تقام عليها دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
لقد ظلت حماية حقوق وأرض فلسطين من الهموم القومية لمصر منذ وقعت النكبة والتقسيم 1948 إلى جانب ما يشغلنا من هموم وقضايا وطنية داخلية ومن أهمها أمننا المائى وما مارسته وما زالت تمارسه إثيوبيا طوال 10 سنوات من مراوغات لعدم توقيع اتفاق ملزم بحقوق دولتى المصب مصر والسودان وحيث تأتى 85% من مواردنا المائية من المنابع فى الهضبة الإثيوبية ويأتى 15% من الهضبة الاستوائية ومنذ أسابيع انتهى اجتماع وزراء الرى فى الدول الثلاث بالفشل لاستمرار مراوغات إثيوبيا رغم مواصلة ملء السد وقد استدعت هذه الاحداث ما ترتكبه إثيوبيا الآن من انتهاكات للقوانين والمواثيق والاتفاقات الدولية التى تعترف بالصومال كدولة مستقلة واستدعى الأربعاء الماضى اجتماعاً طارئاً لمجلس الجامعة العربية لبحث الموقف غير القانونى لحصول أديس أبابا على امتياز استغلال 20 كيلومتراً شمال غربى الصومال على البحر الأحمر ولفت نظرى فى بيان وزير الاعلام الصومالى أمام الجامعة العربية أن هناك دولا غير ساحلية فى شرق إفريقيا مثل الكونغو الديمقراطية ورواندا وبروندى وأوغندا تصل إلى البحر عن طريق تفاهمات متبادلة مع تنزانيا وكينيا ولكن لا يمكن القبول بالاستيلاء على ميناء بأكمله من الصومال وإقامة قاعدة عسكرية تهدد الشعب الصومالى وتنتهك سيادة بلاده من خلال توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم انفصالى.
وإلى جانب ما ترتكبه إثيوبيا من مخالفات قانونية ضد الصومال فقد ذكرنى أيضا الموقف التاريخى لدولة جنوب إفريقيا بوضع جرائم الاحتلال الصهيونى فى غزة أمام محكمة العدل الدولية بأن هذه المحكمة المحترمة كما ثبت من كلمات قضاتها أثناء الاستماع لدفوع ومرافعات الفلسطينيين وأكاذيب وادعاءات ممثلى الكيان الصهيونى أن محكمة العدل الدولية سبق واعتبرت الحقوق فى النهر مثل اتفاقيات الحدود ونصت على ضرورة الرجوع إلى دولتى المصب مصر والسودان عند بناء أى سد باعتباره تعدياً عليهما وأنه إذا لزم الأمر ترفع دعاوى فى المحاكم الدولية.
وهنا يفرض السؤال المهم نفسه .. وهل تملك المنظمات الدولية أى فاعلية ومهما كانت هذه القضايا تهدد الأمن والسلام والاستقرار العالمى وحقوق وحياة الشعوب وكما أثبتت عجزها المؤسف والمخجل فى قضية الشعب الفلسطينى وفى تداخلاتها فى كل ما عقد من جلسات لإقرار الحفاظ على أمننا المائى .. وقد تناولت القضية منذ بداية العبث الإثيوبى والتخفى وراء حماية المصالح الإثيوبية رغم الإعلان المصرى المبكر والذى ما زال يمثل الموقف الحقيقى لمصر من أنها تتفق مع تحقيق إثيوبيا لجميع مصالحها مع احترام الحقوق المائية التاريخية لدول المصب وكنت ضمن الوفد المصرى من القوى الوطنية المختلفة التى سافرت قبل بداية بناء السد لطمأنة إثيوبيا التى أبدى قادتها يومها ثقتهم واحترامهم للموقف المصرى وكان من أهم ما استندتُ إليه من وثائق عند بدايات ظهور المواقف المراوغة لإثيوبيا ما قدمته لى احدى الخبيرات فى قضايا السدود من وثائق خطيرة عن بناء السد الإثيوبى تزيد وضوح وتوثيق الحقوق التاريخية والقانونية لمصر فى مجرى النهر ومياهه واليوم قد استفادت إثيوبيا بعنصر الوقت واستخدمت الخداع حتى وصلت إلى ما وصلت إليه من إنجاز يمثل تهديدا للحقوق المائية لدول المصب.
وأثق أنه وسط الأزمات المتفجرة فى المنطقة والمهددة بالاتساع وفى القلب منها ما يرتكبه الكيان الصهيونى بحق الشعب الفلسطينى ولا يغيب على أحد أن هذا الكيان الشيطانى وطاغوت الإدارة الأمريكية فى مقدمة داعمى وممولى بناء السد الإثيوبى لتهديد الأمن المائى لمصر والسودان فالدولة المصرية رغم كل هذه التحديات الخارجية والداخلية وما يعصف بالعالم من صراعات تدرك ضرورة الانتباه لمهددات أمنها المائى خاصة أن مصر من أقل دول إفريقيا فى سقوط الأمطار وأدعو إلى ضرورة وجود لجنة دائمة للمياه والسدود من أكبر علمائنا وخبرائنا وخبراء دوليين فى قضايا الحدود والسيادة الدولية والثروات العابرة وليس جديدا ما أعلنه الخبراء أن المياه أو الذهب الأزرق سيكون من أهم أسباب الحروب القادمة.
سكينة فؤاد – بوابة الأهرام