فتنة الجمال!
الفتنة هنا أعني بها العشق والهيام والتعلق الشديد، يقول موسى بن يسار، المعروف بموسى شهوات:
إن هنـدا تيمتنـي حقبـة
ثم بانت وهي للقلب شجن
فتنـة ألحقهـا الله بنـا
عائذا بالله من شر الفتن
وقد تؤدي الفتنة إلى ذهاب العقل كحال مجنون ليلى وغيره، فالحب إذا تجاوز الخطوط الحمراء جاء بلا يحمد عقباه، يقول المولى عز وجل: (ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب) (34 ص).
وللصوفي المشهور أبومنصور الحلاج أبيات تعد من فاخر الغزل يقول فيها:
يامن فتنت به يا أجمل الناس
يامن محبتكم تاجا على راسيوهذه فتنة الجمال الأخاذ التي جعلت حبه لها تاجا على رأسه.
وكل هذا الوصف الرائع من فعل الفتنة فقد جعل لها 4 أوصاف دفعة واحدة، وكأنه يصف لنا حورية من حور الجنة، ومن أجمل أبيات القصيدة وهو مشهور بين الناس قوله:
لولا النسيم لذكراكم يؤنسني
لكنت محترقا من حر أنفاسي
والله ما أشرقت شمس ولا غربت
إلا وذكرك مقرون بأنفاسيأنا الذي في هواكم مهجتي تلفت
شوقا وأهلكها همي ووسواسي
إن أمكن الدهر لم أقطع مودتكم
يوما ولو أنني أسعى على راسي
والحلاج هذا من أعلام التصوف في القرن الرابع الهجري واسمه الحسين بن منصور، وقد اتهم بالزندقة وانحلال العقيدة وأفتى العلماء بضرورة قتله، فأمر الخليفة جعفر المقتدر بالله العباسي بقتله فقتل في بغداد عام 304 للهجرة وصلبت جثته ثم أحرقت ورمي رمادها في دجلة فكان مصيره مثل قوله:
أرى قدمـي أراق دمـي
فهان دمي فهان دميودمتم سالمين.
مشعل السعيد – الأنباء الكويتية