هل تصبح لندن من غير أهلها؟!
الساعة الثالثة عصرًا.. قررت أن أتناول الغداء قريبًا من بيتى..
فقد شعرت بعدم قدرتى على السير كثيرًا..
خاصة بعد أن تلقيت مكالمة من الابن الدكتور سعد وهيب..
ينصحنى فيها بعدم التفاخر بالمشى.. والمسافات..
ويذكرنى بالعين.. خاصة أنه طبيب عيون بارع ومتفوق.. بل حجة فى تخصصه..
خرجت من بيتى.. درجة الحرارة 17 درجة.. والسماء محجوبة عنها الشمس تمامًا..
هدوء فى لندن فى الأماكن التى أسير فيها..
سكون كأنه الليل..
ونسمات الهواء الربيعى..
تدغدغ الوجنات..
وصلت إلى المطعم المقصود..
هدوء.. لا زبائن ولا صخب..
بين الحين والآخر.. تشاهد من يتحرك من خلف الزجاج الذى يكشف الشارع..
تأملت لندن فى أول زيارة لها عام 1969م..
أى قبل خمسة وخمسين عامًا من الآن..
كنت أرى الإنجليز وطريقة سيرهم فى خط مستقيم..
ومع كل منهم الشمسية.. مربوطة وهو يحركها نزولًا وطلوعًا فى يده..
ويسير فى خط مستقيم..
وفى كل خطوة يرفع رأسه قليلًا.. ثم ينظر مكان قدمه..
تذكرت ذلك.. فرأيت لندن ليس فيها إنجليز.. كل من أرى جنسيات مختلفة.. فى المقهى.. والشوارع.. والبقالات.. والمطاعم.. والحلاق.. وسائقو المواصلات «تاكسى وأتوبيس».. والأطباء فى المستشفيات.. والممرضون والممرضات..
لقد اختفوا جميعًا..
ولا أظن أنهم يرتادون مكان عبادتهم «الكنائس»..
أين هم؟..
ولعلى أكون منصفًا بأنى أرى البعض فى الحدائق العامة.. ومعهم كلابهم..
فى إيطاليا.. أزور ميلانو.. ولكن أرى الطليان.. كثيرًا فى شوارعهم.. حتى عمال النظافة.. وسائقو السيارات والقطارات.. والسؤال الذى فكرت فيه..
هل تصبح لندن من غير أهلها؟..
هل هرب سكانها؟..
«مالى شغل».. كل واحد مسؤول عن نفسه.
أحمد حسن فتيحي – المصري اليوم