السودان : انقطاع شبكات الإتصالات مربع جديد للحرب
مخاوف وقلق يسودان الشارع السوداني بعد الخطوة التي قام بها متمردو الدعم السريع أمس الأول بإيقاف عمل مراكز البيانات في شركتي سوداني و MTN بحجة مطالبتها بإعادة خدمة الإتصالات إلى بعض المناطق بإقليم دارفور.
هذه الخطوة نقلت الحرب إلى مربع جديد في سلسلة تدمير البنى التحتية الذي انتهجته هذه القوات منذ بداية تمردها في أبريل من العام الماضي.
شلل في كافة مناحي الحياة الإقتصادية والإجتماعية أصاب البلاد بعد توقف خدمة الاتصالات عن عدد من المدن أبرزها مدينة بورتسودان والتي تمثل الآن العاصمة الإدارية للسودان.
جهاز تنظيم الإتصالات والبريد أصدر بياناً يتهم فيه هذه القوات صراحة بأنها مَن قامت بإيقاف شبكات الإتصالات. وقال البيان إن المليشيا المتمردة قامت
بإيقاف العمل في مركزي بيانات شركتي سوداني وMTN مطالبة بإعادة الإتصالات إلى بعض المدن التي احتلتها في ولايات دارفور، والتي توقفت الإتصالات فيها نتيجة إحراق العديد من الأبراج وتخريب الفايبر وانقطاع التيار الكهربائي وانعدام الوقود بواسطة المليشيا نفسها”.
وأوضح البيان أن المليشيا المتمردة الإرهابية قامت بإجبار الفنيين بشركة زين لإيقاف الخدمة عن ولاية نهر النيل وبورتسودان، مهددة بإيقافها بشكل كلي في خرق واضح وفاضح لإتفاق جدة الذي نص على خروجهم من الأعيان المدنية والمراكز الخدمية.
فيما أعلنت شركة زين للاتصالات فى بيان لها أن إنقطاع خدمة الإتصال عن مشتركيها تأتي فى ظروف خارجة عن إرادتها. ونوهت الشركة السودانية للهاتف السيار – زين – أنها ظلت ومنذ بداية هذه الحرب في سعي متصل للحفاظ على خدمة الإتصال والإنترنت.
وأثارت خطوة قطع الإتصالات عن مناطق واسعة من أنحاء السودان ردود أفعال على أصعدة متعددة.
وأكد رئيس حزب الأمة ، مبارك الفاضل المهدي أن قطع المليشيا للاتصالات يعني حرمان المواطنين من شراء حاجياتهم اليومية من الطعام والدواء وممارسة حياتهم الطبيعية، واعتبر الفاضل في تغريدة له على منصة التواصل الاجتماعي ( إكس) أن الخطوة تصعيداً من المليشيا في حربها علي الشعب بعد أن احتلت منازله وسرقت أمواله واغتصبوا النساء وسرقوا السيارات.
وأشار إلى أن حرب المليشيا استهدفت الشعب في المقام الأول ، استهدفته في العاصمة وكردفان ودارفور والجزيرة. مبينا أن هذا يعتبر انتهاكات صارخة للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، تستوجب محاسبة دولية.
وقطع مدير شركة سوداتل السابق والخبير في مجال الاتصالات، د. طارق حمزة بأهمية قطاع الإتصالات زمن السلم ويزداد أهمية وقت الحروب.
وأوضح أن زمن الحرب يعتبر القطاع الوسيلة الوحيدة لتواصل الأفراد والأسر مع بعضهم البعض. بجانب حالات الطواريء العلاجية والأمنية .
وأشار حمزة في حديثه مع ( المحقق) لأهمية القطاع من الناحية الإقتصادية لاسيما بعد انهيار البنية التحتية للنظام البنكي وانهيار شبكات ATM للسحب النقدي .
وقال حمزة إن “ الاتصالات هي الوسيلة الوحيدة للدفع بواسطة الموبايل وكثير من التطبيقات مثل تطبيق بنكك.
وأضاف “إذا قامت القوات المتمردة بتدمير الأجهزة خاصة المقسمات الرئيسية في الخرطوم( MSC) وقطع خطوط الفايبر فسيؤدي ذلك إلى توقف جميع الخدمات وسيستغرق رجوعها وعودتها وقتاً طويلاً ربما يمتد لشهور،
وطالب حمزة بقيام جهاز تنظيم الإتصالات بتكوين خلية أزمة في بورتسودان واستدعاء كل مدراء الشركات والفنيين والتواصل مع الشركات الصينية لتقليل الأضرار، مبدياً استغرابه من ربط المتمردين إرجاع الخدمة في دارفور بهذا الإجراء.
ويرى المحلل الإقتصادي د. خالد التجاني بأن إعلان المبادئ لحماية المدنيين الذي تم في منبر جدة باعتباره المنبر التفاوضي الأهم في مسيرة عملية السلام بالسودان في الحادي عشر من مايو الماضي أسس لهذا النزاع المسلح والتعامل في مثل هذه النزاعات بحسب القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان والتعامل في ظل هذه النزاعات.
وقال التيجاني إن أهم مافي القانون الانساني الدولي مايعرف بمبدأ التمييز وهو قائم على أن يكون المتحاربون في كل الأوقات ملتزمين بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية.
وبحسب التجاني فإن متمردي الدعم السريع وقعوا على هذا الإتفاق وبالتالي هو ملزم تماماً لهم.
ونبه إلى أن أحد أهم أسباب فشل منبر جدة هو عدم محاسبة “الدعم السريع” على عدم الإلتزام والإيفاء ببنود الإتفاق المبرمة، متهماً “الدعم السريع” بتحويل هذه الحرب إلى حرب ضد المدنيين، وقطع بأن كل الانتهاكات الموثقة دولياً واقليمياً سواء كانت في دارفور أو في الخرطوم أو أي من المناطق هو عمل ممنهج ويستهدف المدنيين بما يستوجب إدانات دولية.
ونوه أن قطع الإتصالات في أنحاء واسعة من البلاد يأتي في هذا الإطار لافتاًإلى أن هذا المسلك غير جديد ولا مستغرب من هذه القوات
ووصف الأمر بالانتهاك الصريح والواضح للقانون الدولي وقانون حقوق الإنسان بجانب أنه خرق لما وقعوا عليه في منبر جدة .
واكد ان هذا التصرف يؤكد أن قيادة هذه القوات لا تبحث عن السلام كما تدعي لأن السلام يقوم على أساس وقواعد ولا يكون مجرد توقيع اتفاق.
وقال إن الدعم السريع لا يملك أي تبرير لحرمان المواطن السوداني من حقوقه لأي دعاوي كانت.
وكشف أن الرسالة السياسية من الانتهاك الجديد لحقوق المدنيين هي أنهم تعرضوا لضغوط عسكرية قوية من الجيش في العاصمة وأنه بدأ يفقد سيطرته على بعض المناطق وأن قطع الإتصالات هو محاولة لإشعار الرأي العام أنه لايزال يسيطر على مناطق استراتيجية في العاصمة الخرطوم.
من جهته أعلن المحلل الاقتصادي، د. عبدالله الرمادي، عن توقف الحياة في جميع أنحاء البلاد بسبب انقطاع الاتصالات، مشيراً لتوقف العمل في كل المرافق الحكومية والمصرفية وإحداث شلل في الخدمة المدنية .
وكشف الرمادي في حديثه مع( المحقق) عن وجود شلل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية بسبب انقطاع الاتصالات وأن هذا الشلل يمتد إلى الحياة الإنسانية بسبب عدم التمكن من إسعاف المرضى وحوادث المرضى بالسرعة المطلوبة.
واكد أن تعطيل مرفق حيوي أساسي كالاتصالات يساهم في توقف الحياة ويؤذي المدنيين ، ووصف تعطيل مرافق الإتصالات من قبل متمردي الدعم السريع بأنه تدبير خبيث.
وأشار إلى أن هذا التصرف يأتي في إطار تدمير البنى التحتية من جسور وطرق ومرافق خدمية وحيوية من قبل القوات المتمردة لتعطيل السودان ونهضته.
المحقق: نازك شمام�