شكراً دكتورة هنية!!
تلفتُ يمنة ويسرة باندهاش لم أخفه وإعجاب بالمكان، رغم رهبة اسمه والقشعريرة التي قد تصيب من يدخل إليه بغرض غير غرضي الذي جئت من أجله، تلفت يمنة ويسرة وأنا أدلف إلى داخل مركز سرطان الثدي بالخرطوم، إيفاءً بموعد ضربته مع الدكتورة هنية مؤسسة ومديرة المركز الكبير، ودهشتي صغرت واضمحلت أمام دهشتي وأنا أجلس أمام سيدة رقيقة دقيقة التفاصيل أنيقة جداً من غير تكلف أو بذخ، تتحدث بنعومة وذوق مما جعلني أحاول أن أخفض صوتي قدر المستطاع لعليّ اتماشى مع رقة هذه المفردات، فقلت لها إن أول ما لفت نظري في المركز هو هذه النظافة والأناقة التي يندر أن تجدها في مرفق صحي، خاصة وأن المركز الآن عمره اكثر من ثلاث سنوات، ولولا حسن المتابعة والإدارة فهي كفيلة «بان تجيب خبره» وتجعله بائساً مشوهاً!! نسيت أن أقول إنني سعيت لمقابلة دكتورة هنية في محاولة مني لاستضافتها في لقاء تلفزيوني رغم علمي المسبق أنها ترفض تماماً الظهور لأنها- على حد ما قالته لي- إنها قامت بهذا العمل يدفعها حبها لوطنها ورغبتها في خدمة بنات جنسها في ما تخصصت فيه طبياً، لكنها اصطدمت بواقع أن المطلوب من هذا المركز كبير وأكثر بكثير من المأمول فيه!! وقالت ليّ دكتورة هنية إن رفضها للظهور في الإعلام مرده إلى أنها لا تريد أن تفاخر أو تجاهر بهذا الواجب، أو أنها تستجدي نظرات الإعجاب ليشار اليها بالبنان، أنها السيدة التي تكفلت بهذا الصرح الكبير والمهم!! ولعليّ وأنا استمع لحديث دكتورة هنية التي تتحاشى الأضواء، سرحت ببصري نحو قيمة أن تتكفل هذه السيدة بهذا المركز المكلف الذي تحتضنه ويحتضنها منذ الصباح حتى بعد الخامسة مساء دون انتظار لكلمة شكر أو فلاشات تصوير، لتتجسد أمامي كل قيم الوطنية والعشق لهذا البلد الذي ليست هو جعجعة وادعاء للوطنية باسم الوطنية من أجل مناصب زائلة وكراسي دوارة، وكان بإمكان دكتورة هنية أن تبقى في بلاد الضباب تعيش في كنف زوجها وأولادها تمارس مهنتها وتلعب على الجليد في «الويك إند» دون أن تقع وتكسر قدمها لأنها مؤكد تعرف أصول ذلك!!
لكن ولديمومة عطاء هذا المركز المهم لابد من أن تمتد إليه الأيادي المعطاءة التي تذلل الصعاب وتزيل العراقيل، فكان أن كون مجلس إدارة على رأسه الأخ رجل الأعمال أمين النفيدي، ومعه نفر كريم من الخيرين الذين يعملون في صمت لإيمانهم بالرسالة واقتناعهم بمكافحة هذا الداء الذي حصد زهرات يانعة في عز تفتحها!!
فالتحية لكل الرائعات والرائعين في مركز سرطان الثدي الذين يعالجون بالبسمة وحسن الاستقبال قبل علبة الدواء.. والتحية للدكتورة هنية ابنة السودان البارة التي بذلت «مالها ووقتها» واعتذر لها إن قلت هذا الحديث لأنها ترفض أن يقال ذلك من أجل بلدها ووطنها، وبالله عليكم كم في رحم الغيب أمثال دكتورة هنية ننتظر منهم هذه المبادرات التي تقهر المستحيل وتحول الألم إلى ابتسامة عريضة!!
٭ كلمة عزيزة
بالصدفة قابلت ابن البروفيسور النذير دفع الله العالم السوداني المعروف، ومدير جامعة الخرطوم الأسبق واسمه معاوية، حيث رمى الإعلام باللوم بأنه للأسف يركز دائماً على العلماء والمميزين من الذين يشغلون حيزًا أدبياً في حين أنه يتجاهل أصحاب الصبغة العلمية، وبصراحة وافقت الأخ معاوية في ما قاله إذ إننا غالباً ما ننسى تخليد وتكريم ذكرى علمائنا الأجلاء، وتخصيص جوائز باسمهم ونشر أبحاثهم وكتبهم التي تشكل مرجعاً حقيقياً لأي تطور علمي هو أساس نهضة وتقدم.. فهل نطمح ونطمع في أن تولي الدولة هؤلاء العلماء ما يستحقون من مكانة وتكريم؟
٭ كلمة أعز
الأستاذ كمال عمر قال إنه سيأخذ إجازة ليرتاح فيها ونحن نقدر الطاقة التي بذلها في الفترة الماضية.. حديثاً وتنظيراً وإن كان حزبه قد منحه شهرًا إجازة ليرتاح فنحن نعطيه شهرين عشان نحن نرتاح.
[/JUSTIFY]عز الكلام – آخر لحظة
[EMAIL]omwaddah15@yahoo.com[/EMAIL]