رأي ومقالات

وجوه باسمة

نحن خلق الله، أمرنا بيده، نسير وفق مشيئته، بيده تثبيت الأمور وقلوبنا تتقلب بين اصبعين من أصابعه، ولله جل وعلا فينا شؤون لا يعلمها سواه، وقد خلق الله بقدرته التي لا تدركها عقولنا ناسا لإسعاد ناس، وناسا لشقاء ناس، ومن بين هذا الخلق وجوه باسمة تسعد وترتاح لرؤيتها، لأنها تشعرك بجمال الدنيا وبهجة الحياة، فتبعث في نفسك الامل بغد افضل وحياة جميلة، لسان حالها يخاطبك قائلا:

أيهذا الشاكي وما بك داء

كن جميلاً ترى الوجود جميلا

ويبقى الرضا والقناعة والتسليم لأمر الله تعالى أمرا يحرك مجرى حياتنا، وهذا أمر مهم للغاية وهو في يدك إن جعلته لك شعارا ودثارا عشت مرتاحا مطمئنا حتى انك لا تهاب الموت متى جاءك، وعلى الضد من ذلك ترى وجوها لا ترتاح لها وتتمنى لو كنت لم ترها كأنها تقول لك:

تعب كلها الحياة فما

أعجب إلا راغب في ازدياد

إن الابتسامة كلمة طيبة دون أن تنطق ببنت شفة، وهي جسر عبور إلى قلوب الناس، وكل من تجده مبتسما يحمل بين جوانبه قلبا أبيض وخلقا رفيعا وسماحة وقلة شكوى، وقد ذكرني هذا المقال بأمير الانسانية الراحل سمو الشيخ صباح الأحمد، رحمه الله وغفر له، فقد نظرت بتأمل إلى كثير من صوره داخل وخارج الكويت فلم أجد له صورة واحدة ليس مبتسما فيها في شبابه وكهولته وحتى عندما تقدم به السن. والتبسم في وجه أخيك صدقة، قال عبدالله بن الحارث رضي الله عنه: «ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم» (رواه الترمذي)، ويقول هند بن أبي هالة رضي الله عنه: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائم البشر سهل الخلق لين الجانب» وقال الرجل الصالح ابن عيينة:

البشاشة مصيدة المودة، والبر شي هين، وجه طليق وكلام لين، ويقول الشاعر:

أخو البشر محبوب على حسن بشره

ولن يعدم البغضاء من كان عابسا

وفي الختام، أقول إن لقاء الناس بالتبسم وطلاقة الوجه من أخلاق النبوة وهو مناف للتكبر وجالب للمودة، ودمتم سالمين.

مشعل السعيد – الأنباء الكويتية
849 pic20231225215738247