رأي ومقالات

عندما يحتاج قلبك للصيانة

في ظل صخب الحياة وضغوطات الواقع، وتسارع الأحداث، أحياناً ننسى أو نغفل أهمّ أعضاء الجسد وهو “القلب”، المضخة التي تعمل على مدار الساعة دون توقف أو ملل، وتنبض بلا كلل، تُخفي بين جوانبها مشاعرنا وذكرياتنا، وتُرسل دفء الحياة إلى أرجاء جسدنا، وتتحكم أحيانًا في تصرفاتنا وسلوكياتنا.

وللقلب أنماط عديدة: القلب النقي والقلب السليم والقلب القاسي والقلب الغليظ. القلب النقي: يشعر صاحبه بالسعادة والنجاح، فهو قلب مملوء بالخير، هادئ مطمئن يرضى بما قسمه الله له، قلب خالٍ من الشوائب والأمراض الأخلاقية. وأصحاب القلوب النقية صادقون في أقوالهم وأفعالهم، عادلون في معاملاتهم مع الآخرين، رحماء بالضعفاء، صابرون على الشدائد، ولا ييأسون من رحمة الله، وينعمون بالسلام الداخلي.

أما القلب السليم: فهو القلب الذي سلم من الشرك والشك، ويتمنى الخير والسعادة للآخرين، ولا يعرف الكراهية، وأصحاب القلب السليم يميزون الحق من الباطل، محبون ومخلصون ومتوكلون على الله، ويتقونه في جميع الأحوال، ويبادرون بالتوبة إذا أخطأوا. بينما القلب القاسي: هو القلب الذي لا يعرف أصحابه الرحمة أو الشفقة، ولا يشعرون بألم ومعاناة الآخرين. ويتصفون بالجفاء، والأنانية، فهم يحملون الحقد والكراهية لكل من حولهم، وقد يتسببون في إيذاء الآخرين جسديًا أو لفظيًا.

والقلب الغليظ.. تجد أصحابه يُشعرون بالحب والحنان، ولكنهم لا يُظهرونه للآخرين، وقد يتسببون في إيذاء الأخرين عاطفيًا، ويشعرون بانعدام الثقة، فنجدهم متحفظين في معاملاتهم، ومترددين في الإفصاح عن مشاعرهم.

هناك علامات ودلائل تشير إلى أن قلبك بحاجة إلى صيانة منها: الشعور بفقدان الثقة واللامبالاة، التعب والإرهاق الفكري والنفسي، القلق والأرق والاكتئاب، صعوبة التسامح مع الآخرين أو النفس، عندما يضيق صدرك بأمور ليس لها مكان داخل قلبك، وعندما تتزاحم المشاكل وتتراكم الهموم، وعندما ترى الحياة بصورة سوداوية، والطريق إلى المستقبل معتم، أعلم جيدًا أن قلبك يحتاج للصيانة.

فعندما تشعر بأن قلبك يحتاج إلى صيانة، لا داعي للقلق أو الحيرة، فسلامة القلب وصيانته أمر طبيعي ومهم للحفاظ على الصحة العامة والسعادة النفسية، لذلك يجب أن نعود إلى طريق الإيمان والتقرب إلى الله عز وجل، والالتزام بأداء الفرائض الدينية والقيم الأخلاقية، ومسامحة والعفو عن الآخرين، التركيز على الأشياء الإيجابية في حياتنا، والابتعاد عن الأفكار السلبية، والحرص على تقديم المساعدة والدعم للآخرين.

في النهاية.. بعد ظهور وانتشار البرامج التقنية مثل”الفلاتر والتأثيرات” التي تهدف إلى تحسين الصور، وظهورها بشكل لائق، أتمنى وجود “فلاتر” داخل الإنسان تعمل على تنقية قلوبنا من الأحقاد، كما أنه يجب علينا أن نفيق ونبتعد عما يزعجنا ويعكر صفو سعادتنا حتى نحافظ على سلامة قلوبنا.. فماذا سنجني إذا تعرّض قلبنا للتعب والإرهاق؟ وتراكمت عليه غشاوة الحزن أو ملامح القلق، وصدأ الكراهية؟

أخيرًا وليس آخرًا.. علينا أن نسعى دائمًا إلى تصفية قلوبنا من الصفات السيئة للنفس البشرية مثل “الحقد والغل والحسد والكراهية والغيرة والأفكار المسمومة”، وأن نملأ قلوبنا بالحب والخير والتسامح والعطاء، حينها ستتبدل الأوضاع وتتغير الأحوال للأفضل.

ختاماً.. تذكر أنّ قلبك هو أغلى ما تملك بكونه جوهر وجودك، فاهتم واعتني به، ودعه ينبض بالحياة والسعادة. وتذكر دومًا أن ولادة القلب الجديد رحلة مستمرة تبدأ بالتخلص من المشاعر السلبية، والتسامح مع الذات والآخرين، فلا تنسى أن ولادة جديدة لقلبك تعني ولادة جديدة لحياتك.

جمال عبدالصمد – بوابة روز اليوسف
5297