رأي ومقالات

اليوم العالمي الماء عديل الروح

تحتفل الجمعية العامة للأمم المتحدة هذه الآونة باليوم العالمي للمياه، وينطلق الاحتفال مصحوبا بضجيج بسبب أن الإنسانية تشكو عطشها، تلهث خلف سراب من الأماني، علها تروي ظمأها، تتجدد مع الذكرى تساؤلات تريد أن تعرف: أين المخرج؟!

نتفق على أن الماء أساس الحياة، وعنصر وجودها، وإطلالة سريعة على تاريخ الحضارات القديمة التي ازدهرت وعلا شأنها تخبرك بعظم الدور الذي لعبه الماء في تأسيس دعائم عراقتها، وكيف بنى الإنسان إرثه الحضاري الذي تبرزه نقوش الجدران وتحتويه اللفائف.

لكن وفي ظل تغير الظروف المناخية للأسوأ، واشتداد قبضتها اختل الميزان، فقلبت الطبيعة وجهها، وتقلصت كميات المياه، وبرزت مظاهر التصحر، ليذوق الإنسان في بقع كثيرة لباس الجوع والعطش، وبات الكثير من المجتمعات عرضة للهلاك، تقاوم ما استطاعت للبقاء، وهذا ما تطالعنا به وسائل الإعلام يوميا من فظائع خاصة في القارة السمراء، التي تعاني شحا خطيرا بمصادره، ناهيك عن عدم صلاحيته للاستعمال إن وجد، ومع نقص إمكانيات كثير من الدول وعجزها عن توفير بدائل، ينتظر الإنسان مصيره المحتوم، وتلقى البيئة من حوله المصير نفسه.

كما لاتزال نداءات المنظمات الأممية وتصريحاتها المشوبة بالتخوف من مصير مجهول تتصاعد، وهي ترصد معاناة الإنسان وافتقاره لاحتياجاته الضرورية من الماء، ودعواتها المتواصلة للهيئات الإغاثية والمؤسسات الخيرية للمساهمة بنصيبها لسد الاحتياج، والعمل على توفير برامج بديلة تسهم في وقف النزيف الإنساني البشع.

وللحقيقة، فقد قطعت دول كثيرة شوطا كبيرا في مضمار التصدي لأزمات الجفاف، وضخ حزم من المشاريع المعنية بتحلية المياه، والتزامها الإنساني بالتعاون لتغيير هذا الواقع المتردي، حتى مع زيادة التكلفة ونقص الموارد، إن ما تعانيه الإنسانية في دول كثيرة من العطش وافتقادها الاستقرار جرح غائر لا يندمل، وعار يلاحق الضمير العالمي، فالواقع لا يبشر بخير، ودوائر المعاناة تتسع ويضيق خناقها على الملايين، التي تساق لساحات الموت سوقا.كانت ولاتزال تحركات الكويت المسؤولة في هذا الملف الشائك محل تقدير المنظمات الأممية، وموضع امتنان من الدول التي قدرت للكويت ممثلة في مؤسساتها الخيرية موقفها المشرف، ولهذا فقد سجل مشروع «تخيل» والذي تدشن جمعية النجاة الخيرية نسخته الثامنة على التوالي بصمته الإنسانية الرائدة، وحضوره غير المسبوق عالميا، ومثلت حصيلة تبرعات حملته الخيرية بارقة أمل، وفرصة جديدة للحياة الآمنة التي تصون للإنسان آدميته، وخلقت آباره التي تفيض بالماء العذب الناس خلقا جديدا، وحققت باقتدار تنمية مستدامة تؤسس لروح عمرانية في قلب الصحاري والقفار.

سيظل «تخيل» نفثة من صدر أهل الخير بالكويت، ووعي قيادة ترعى حقوق الإنسانية حق رعايتها، حين أطلقت يد المعروف ليستظل بها كل محروم.

عبدالله الشهاب – الأنباء الكويتية
953 pic20221227191352524