رأي ومقالات

حسان الناصر: ولنعمل!

وكانت لحظة توقيع الوثيقة الدستورية، لحظة كاشفة لكل القيم التي كانت تحكم الفعل السياسي، فبدلاً من الإنطلاق نحو قيم سامية، تضع آمال الناس وتطلعاتهم، وتعلي من قيمة الدولة وحاكمية القانون و الإتجاه نحو تأسيس عَقد إجتماعي واسع.

إنطلقت القوى السياسية التي نصبت نفسها جسم دستوري برعونة في تحطيم كل أمل كان يضعه الناس حينها على الفترة الإنتقالية، سواء من عارض النظام من داخله، أو من كان يرجو أن ينجلي غبار المعركة ويعود لداره.

ولم تكتفي بتحطيم الدولة بغباء بل ساعدت الأذرع الخارجية في تجريب الوصفات وإعداد الخطط من أجل تغيير وجه السودان دولة ومجتمع بلا أي شرعية أو حق دستوري.
قد تأتي اللحظة مرة أخرى أمامنا ونوضع في محك كهذا، ولكن تعلمنا الدروس منذ 2014، حينما كانت الفرصة مناسبة لتجاوز كل ذاك الحطام، لذلك إن معركتنا التي نرقبها الآن تقف على ضرورة الضبط وحس المسؤولية السياسية التي لا ترى السودان في شروطه الحالية وإنما شروط المستقبل، فهي معركة من أجل الدولة و المستقبل.

مستند فيها على إرثنا الوطني وقيمنا الإجتماعية التي تجعل من السودان دياراً للسودانيين، ولكنها لن تسمح أن تأخذ غاصب حقه أو يحكم السودان بأمر خارجي، فنحن لسنا بأمة عاجزة أو مواطنون بلا أرض وإنما لنا في السودان نيله و أرضه وخيره.

والذين يعتدون بالخارج من أجل أن يأتوا على ظهورنا ليتعلموا الدرس فإن سماحة السوداني في أن يتقاسم الماء و الشراب مع جاره، يقابلها أيضاً غضب و مقاومة لكل إجبار (حقارة).
ولكل من يلتف و يتلون، فالسياسة هي حس المسؤولية و كشف للنفس، من كان يريد سلطان أو عزة بغير عمل أو يحاول أن يعمل (سمسار) مواقف فإنه منذ بداية هذه الحرب كانت أولوية لتركيب الموقف إن كانت هناك قدرة معرفية، ومن كان أفقه و ذكاءه لا يسعفه كان أولى أن يسعفه صمت الموقف و الاعتزال.

ومن تقدم بموقفه ليتحمل نتيجته فإن الرجوع بلا توضيح هو إخفاق وجبن فخير للناس من تمسك بموقفه ودفع ضريبة حديثه عسى التاريخ و القيم أن تسمح له بعد أن يتحقق شرط العدل في الأرض وينال كل ذو حق حقه.

حسان الناصر