الجنرال الأكثر شعبية في السودان !
لن نضيف جديداً إذا وصفنا ما يحدث في ولاية الجزيرة بجريمة إبادة مستمرة، من دون أن ينجح العالم في ردع القائم بهذه الجريمة التي أدت حتى الآن إلى قتل المئات ونزوح الآلاف.
ولقد كان واضحاً منذ اندلاع هذه الحرب المنزوعة من كل المعايير والأخلاق أنها حرب إبادة، وتهدف فعلاً، كما صرحت المليشيا نفسها، إلى القضاء على وجود مجموعات سكانية بعينها، وهي حرب إبادة لن تحقق أهدافها مهما ارتفعت حصيلة الشهداء القتلى بسلاح المليشيا الإماراتي، بل إن الإبادة الحقيقية بالمعنى الرمزي للكلمة قد وقعت فيها مليشيا الدعم السريع، حيث إن ما خسرته خلال هذه الحرب أكبر مما هي تعتقد.
مشهد الآلاف من سكان الجزيرة وهم ينزحون من بيوتهم بأمر مليشيا الدعم السريع، يؤكد أن الأمر لم يأت على سبيل الصدمة ولا الصدفة مرة واحدة، فقد سبقته، ضغوطات عديدة، ناهيك من توترات متصاعدة بين أهالي الجزيرة الشرفاء وقيادة ” كيكل “، حيث لم تمض الكيمياء الإنسانية بينهما منذ البداية، وسارع أهل الجزيرة بمقاومة انتشار المليشيا في ديارهم.
كل تلك الجرائم البائنة وما زال البعض يحلمون باتفاق يعيد ل “الدعم السريع” مجده السياسي، ليعيشوا تحت كنفه إلى الأبد بعيدا عن صناديق الاقتراع.
الذين يحاولون فهم الموقف الشعبي الجمعي الحالي تجاه الحرب في السودان، لديهم أفضل شرحاً في كتاب الجنرال “ياسر العطا”، الثوري و المقاوم، والذي دفعه إلى مقدمة القبول الجماهيري.
كلما تحدث “العطا” احتفت الميديا بما يقول، خلال أكثر من (٥) سنوات، تخللتها اجتياحات سياسية داخلية عدة وتدخلات خارجية وأزمات متكررة من عهد قوى الحرية والتغيير إلى حكومة الحرب الحالية، لم يحظ جنرال بكل هذا التأييد، حيث تكونت خلال الشهور الماضية قناعة بأن “العطا” كان أكثر الشخصيات، على المستوى العسكري قربا للمقاتلين داعماً لهم و حريصاً على مطالبهم.
تقدم تصريحاته المصادمة والمقاومة، موقفاً بطولياً وسط هذا المد والجزر والتأرجح في مواقف بقية الجنرالات.
تلك المواقف المضطربة والتي تحمل تارة اهتماماً محموماً بمعاناة الشعب والعزم على حسم التمرد، ثم إهمال مدو، و طبيعتها المتأرجحة وغير الثابتة، و العوامل التي تحدد سيرها، الأخطاء الاستراتيجية، ومسؤولية هذه الأطراف حول ما يحدث في السودان، والتي تؤدي في كثير من الأحيان إلى مآس وكوارث سياسية يدفع ثمنها السودانيين، الذين يحملون في صدورهم أكثر من غصة حارقة، نارها آهات عوائلهم بدور الإيواء، وحلمهم العودة إلى الديار.
إذا… لا مجال لخطاب غير خطاب المقاومة، لأنه لا يمكن في الوقت الذي تستمر فيه الحرب الهمجية في الخرطوم ودارفور، ويستمر خلالها إجرام المليشيا في استهداف البشر والحجر وكل عناصر البقاء للحياة البشرية، وبتجاهل تام لكل القيم والمعايير والشرائع والقوانين الإنسانية، التي تحمي غير المحاربين من المدنيين والأطفال والنساء والشيوخ والمستشفيات ودور العلم ومؤسسات إدارة الشأن العام وغيرها من متطلبات الحياة المدنية، أن يقبل الضحايا التوقف بمنتصف الطريق.
جماهيرية “العطا” جاءت من مواقفه التي لم تتجاهل يوماً، حقيقة أن لا سلام ولا استقرار ولا أمن في السودان دون حسم هذه القضية العادلة.
محبتي واحترامي
رشان أوشي