رأي ومقالات

بنادق الجنجويد ضد النسب الثقافي السوداني

ماذا لو تكلمنا هكذا بشيء من الوضوح والإفصاح وأن نضع كل الأسئلة عن أسباب تمرد الجنجويد وخوضهم هذه الحرب ، والأزمات المكدسة بعضها فوق بعض على ظهور أهل السودان ؟
وحتى نكون على بينة من الكلام :
* هل الجنجويد يقاتلون ضد الجيش لإسقاط الحكومة ؟
نعم !
* هل يقاتل الجنجويد لإقصاء الإسلاميين ونفيهم من الوجود ؟
نعم !
* هل يمارس الجنجويد في حربهم هذه أبشع عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية والتهجير القسري ، ضد قبائل الزرقة – السود – المساليت ، والإرنقا في غرب دارفور خاصة ، وكل من ينتسب إلى العنصر النوبي أو الزنجي عرقا ودما ولونا لإستأصالهم من أرضهم ومحو آثار أسلافهم ؟
نعم مارسوا كل ذلك في أقليم دارفور عامة !
* هل الجنجويد في تمردهم هذا يقاتلون من أجل
إستأصال وإزاحة الجلابة وأبناء الشريط النيلي من أقصاه إلى أقصاه ، بجميع مكوناتهم القبلية ؟
نعم !
* هل الجنجويد يقاتلون ضد دولة ” 56 ” ؟
نعم وهذا هو شعارهم الأعلى !
* فما علاقة بيت مشكاة العلوم والمعرفة البروفيسور علي شمو بالجيش ؟
* ما علاقة بيت الرياضي نجم فريق نادي المريخ الراحل سامي عزالدين بالجيش ؟
واسألوهم عن الزعيم الازهري ومحمد احمد المحجوب !! هل المدنية مختبأة في بيوت أسرهم ؟
* والسؤال الكبير .. ماذا تبقى من السودان بعد كل ذلك باستثناء أحزاب قوى الحرية والتغيير ” قحت ” محبوبة الجنجويد .
البداهة تقول إن المسألة ، ليست مسألة إسقاط البرهان والبحث عن الديمقراطية ومدنية الدولة ؟ وهل لا يتحقق ذلك إلا بتلك المذابح في دارفور ونفي وإقصاء كل أهل السودان ؟
هذا التمرد الأقبح في تاريخ السودان ليس إلا هو مشروع فكري ثقافي آخر يحمل معتقد وتصورات تهدف أولا للخلاص من الشخصية الثقافية السودانية ، ومحو ملامح سودانويته المائزة . وفق مخطط دولي يخفي في أصله فطرة دكتاتورية ونزعة للتسلط والتفرد والإستئثار بالسودان وجغرافيته .
في فوهات بنادق الجنجويد ومدافعهم الآن أخطر مشروع فكري ثقافي مضاد لإرثنا المعرفي ، والتركيبة السكانية ، بفسيفساء مكوناتها الإجتماعية ، وقوس قزح أعراقها ، ومشاربهم الثقافية المتعددة الوسامة والجمال .
الجنجويد وكلاء دعاة يستترون وراء حدودنا . حرب هي في الأصل دعوة لعمليات إزاحة شعب بثقافته ومياسمه المائزة في الحياة ، وإبداله بشعب ومجتمعات أخرى ذات خصائص قابلة للتشكل وفقا لمعتقد جديد بتصورات ورؤى فكرية ثقافية متخيلة .
هذه الحرب ليست ضد الجيش وحده ، وإلا ، لماذا دمروا الجامعات والمؤسسات الأكاديمية العلمية وأحرقوا المكتبات الفكرية الثقافية بكل تلك الفظاظة ؟
ما علاقة الجيش بالمتحف القومي ودار الوثائق القومية حتى تنالها مدافع الجنجويد ونيرانهم الحارقة ؟
وما علاقة قبائل الفور والمساليت والإرنقا والنوبة بدولة ” 56 ” ؟
وأسألك بالله يا قارئي ، ما هي نسبة الديمقراطية في دم عرب دول الخليج ، وهل لديهم وسائل للحكم غير الوراثة التناسلية الأسرية أب عن أب ؟
ومن أين للعربان معرفة لمعنى المدنية وأصولها ؟ أليست حياتهم هي تزلف لروح العصبيات العرقية والعنصريات ؟
وأية نكهة للديمقراطية في الطبق القبلي العشائري عند عربان الخليج ؟
أولئك العربان المدججون بالتناقضات ، ما فهمهم للديمقراطية والحوار ؟ وكيف يحددون علاقتهم بالآخر ؟ وما علاقتهم بالأنسنة ؟
الجنجويد في هذه الحرب ليسوا إلا ظهور تم إستإجارها لتحمل أسفار مشروع فكري ثقافي دولي مضاد للنسب الثقافي السوداني المتفرد في أصالة بعده الحضاري .

الدكتور فضل الله أحمد عبدالله