ريما بنت بندر.. دور “صعب” في وقت “صعب”
سلطت صحيفة نيويورك تايمز الضوء على الدور “الصعب” الذي تلعبه السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة، ريما بنت بندر، مشيرة إلى أنها “تحاول توجيه العلاقات في وقت صعب”.
الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، التي تبلغ من العمر 48 عامًا، هي ابنة الأمير بندر بن سلطان، الذي كان من أبرز سفراء المملكة السابقين في واشنطن، حيث شغل هذا المنصب لأكثر من عقدين.
ولدت ريما في الرياض، وعاشت في ماكلين بولاية فيرجينيا منذ كانت في السابعة من عمرها، حيث كان والدها سفيرًا. حصلت ريما على درجة البكالوريوس في دراسات المتاحف والآثار التاريخية من جامعة جورج واشنطن الأميركية، قبل أن تعود إلى الرياض عند بلوغها سن الـ30.
ووفقًا للصحيفة، كان والدها “فريدًا من نوعه في واشنطن”، حيث كان له علاقات وثيقة بالرؤساء الأميركيين، مما منحه وصولًا استثنائيًا إلى أعلى المستويات الحكومية وأكسبته لقب “بندر بوش”.
وتقول نيويورك تايمز إن الأميرة التي تشغل وظيفة والدها القديمة، منذ عام 2019، “تواجه مهمة ليست سهلة”، فقد شغلت المنصب في أعقاب مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، كاتب الرأي في صحيفة واشنطن بوست، الذي تعتقد الاستخبارات الأميركية أن ولي العهد، محمد بن سلمان، وافق على قتله، وهو ما تنفيه السلطات السعودية.
وواجهت السفيرة الشابة عندما وصلت واشنطن “مهمة هائلة تتمثل في محاولة إعادة تأهيل الزعيم الفعلي للسعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان”. وفي السنوات الخمس المضطربة التي تلت وصولها، تغيرت حظوظ المملكة في واشنطن، لكن الأميرة، بمساعدة آلة الضغط والدعاية التي بلغت قيمتها ملايين الدولارات، لعبت دورا في تحقيق انفراجة نوعا ما للعلاقات بين واشنطن والرياض بعد تولي جو بايدن الذي تعهد بأن يجعل السعودية “دولة منبوذة” منصب الرئاسة.
لكن لم تكن العودة إلى العلاقات الودية سلسة، إذ شعر البيت الأبيض بالغضب من قرار المملكة خفض إنتاج النفط بعد أشهر قليلة من زيارة بايدن للسعودية في 2022. “وترك مقتل خاشقجي ندوبا عميقة في نفسية الصحفيين والسياسيين”.
تشير الصحيفة إلى جهود السفيرة في تفعيل ملف التطبيع بين السعودية وإسرائيل، حيث حضرت في منتصف شهر مارس في جدة اجتماعات مع ولي العهد ووزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، لبحث خطط تطبيع العلاقات التي تم تعليقها بسبب الحرب في غزة.
وبعد أسبوع، التقت في الرياض مع ولي العهد والسيناتور الجمهوري البارز، ليندسي غراهام، الذي يعتبر من أحد أكبر الداعمين للتطبيع، لمناقشة “تدابير دفاعية أميركية” في إطار صفقة التطبيع.
توضح الصحيفة أنه في النهاية، يتخذ ولي العهد القرارات النهائية، ومن غير الواضح مدى تأثير الأميرة، لكن قد تكون قيمتها الأهم هي كونها امرأة سعودية تعزز رؤية جديدة للمملكة في الولايات المتحدة، كما أن لديها روابط عائلية طويلة الأمد في واشنطن وتعمل على تهدئة التوترات في الكونغرس، من خلال استطلاع آراء أعضاء اللجان المهمة للسعودية، مثل لجنتي العلاقات الخارجية والقوات المسلحة.
وأقامت السفيرة أيضا علاقات مع كل من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء.
وتجمع وزراء الحكومة السعودية الزائرين بمسؤولين أميركيين لتناول المقبلات الشرق أوسطية في منزلها في ماكلين، بولاية فيرجينيا، وهو نفس المكان الذي نشأت فيه.
وتسافر السفيرة إلى الويلات الأميركية المختلفة للترويج للتحديث الذي يحدث بالمملكة.
ويشير خبراء الشرق الأوسط إلى أن عملها أصبح أكثر صعوبة بعد مغادرة الرئيس السابق، دورالد ترامب، البيت الأبيض.
وقال بريان هوك، وهو مسؤول كبير سابق في وزارة الخارجية عمل معها بشكل وثيق في عهد ترامب: “من الواضح أن ريما واجهت مشكلة مختلفة، لكنها حافظت على نفس النهج في البحث عن المصالح المشتركة”.
وبعد أن هدد غراهام بـ”تسونامي من الحزبين” في عام 2018 ضد ولي العهد، إذا اعتُبر مسؤولا عن مقتل خاشقجي، شرعت الأميرة ريما في كسب تأييده عندما وصلت إلى واشنطن.
وقال غراهام إنه بناء على طلبها وبعد طلب بقيمة 37 مليار دولار من المملكة لشراء طائرات بوينغ، التقى بولي العهد في الرياض في أبريل الماضي.
وقال: “قلت له شكرا لك على شراء الطائرات. أريد أن أحظى بعلاقة جديدة”.
وفي حفل عشاء ضم الجنرال ديفيد بيتريوس، رئيس وكالة الاستخبارت المركزية الأميركية السابق، كانت الأميرة ريما تجلس بالقرب من النائب الديمقراطي رو خانا، وهو منتقد بارز للسعودية.
وفي محادثة معها، ألقى خانا باللوم على السعوديين في الأزمة الإنسانية المتصاعدة في الحرب التي تقودها السعودية في اليمن. وقال للصحيفة إنه توقع ردا باردا من الأميرة، لكنه تلقى دعوة بدلا من ذلك، وقالت له: “ربما العشاء ليس المكان المناسب لإجراء محادثة، ولكن هل يمكنني القدوم إلى مكتبك؟”.
وقال خانا إنه خلال اجتماعهما في الكابيتول، قالت له إن المملكة أيضا تريد العمل من أجل السلام في اليمن.
ووصف خانا الأميرة ريما بأنها “واحدة عميقة التفكير وديناميكية في قضايا الشرق الأوسط”.
وقد أبرمت السفيرة اتفاقية مع جماعة الضغط “أل أس تو غربو” لتعزيز دور المملكة كشريك تجاري للولايات المتحدة وكمنشئ لفرص العمل، بالإضافة إلى تعزيز مفهوم المساواة بين الجنسين والتنوع داخل البلاد.
وخلال زيارتها لمصنع تجميع طائرات بوينغ في تشارلستون بولاية ساوث كارولينا، قدمت السفيرة الشكر للعمال، إذ كانوا جزءًا من الشركة التي ساعدت في حفظ سلامة والدها خلال فترة خدمته في قيادة طائرة F-15. وتطرقت أيضًا إلى صفقة بقيمة 37 مليون دولار.
بدورها، أهدتها شركة بوينغ نموذجًا لطائرة سعودية ظلت معروضة بشكل بارز في مكتبها.
الحرة