رأي ومقالات

صورة مؤمن والبرهان في معرض المزايدة والبهتان


عرفت مؤمن معرفة لابأس بها في ظروف مختلفة ، وكونت انطباعي عن شخص في عمر اختي الصغيرة ذلك انه كان زميلها في الجامعة ، ثم عرفته في الشوارع المختلفة ما قبل الحرب ، وكان هذا الانطباع ايجابي في مجمله ، ذلك انه ممن جعل الله فيهم بركة قضاء حوائج الناس
والحاجة دي عند ناس عددهم ما شوية ، لكن العندهم صفة الاستمرارية والعناد والغيرية والمشي على مصارينهم من أجل انجاز المهام ما كتار .
وقبل كل شئ دعونا نثبت الحقيقة الأكيدة ” ان كل شخص مستحق للنقد وكل شخص يمكن ان يكون شيئا خلاف ما كانه ، وان شراء الذمم ممكن ، وتغيير الافكار ممكن ، والتراجع عن المبادئ ممكن ، وتغيير المسارات يحدث الخ ”
وكل شخص يرى الأشياء من منظار تتحكم فيه اشياء كثيرة وتراكمات مختلفة ورؤى متنوعة
عموما انا عندما شاهدت هذه الصورة تملأ الوسائط ، علمت فورا ان فريق ال PR للفريق البرهان يقوم بمهامه المعتادة ، وان هذه الصورة لاعلاقة لها باشواق مؤمن وعجبت اصلا كيف وجد لها وقتا ذلك انني قبل أيام قليلة تحدثت معه محادثة طويلة ممثلا لمجموعة من المعارف يريدون المساهمة في مديونية مستشفى النو لصيدلية الروضة والتي بلغت حتى كتابة هذا البوست اكثر من ٤ مليار
وامتد بنا الحديث مطولا حتى رسمت صورة في مخيلتي لما يقوم به مؤمن ورفاقه في مستشفى النو والعمل العام
مؤمن ورفاقه ورفيقاته في مستشفى النو
يسعفون المصابين
ويحولون اصحاب الاصابات الخطرة والعمليات المعقدة لمستشفيات الاقاليم والمناطق الاخرى مثل مستشفى الجكيكة لان اغلب الاخصائين نزحوا للمناطق التي يمكن ان يعملوا فيها وتكون اسرهم في امان
يقومون بتوفير الدم في بنك دم المستشفى الفقير عبر اطلاق النداءات في السوشال ميديا وعبر ائمة الجوامع وهم في حالة بحث مستمر عن المتطوعين وكان قد اخبرني ان معظم الحالات يكون فيها نزيف دم كثير ومن مجهوداتهم المعقدة انهم يطالبون الاهل الذين ياتون مع مصابيهم بالتبرع ، ذكر لي انه في بعض الاحيان تاتي حلة كاملة مع المصابين في حالة وقوع زانة مثلا وفي هذه الحالة يقومون باقناع عدد مقدر منهم بالتبرع
مؤمن ورفاقه حولوا غرفة في المستشفى لثلاجة موتى تسع حوالي ٩ جثث مستخدمين فيها المكيف الأجود في المستشفى ، وفي حالة امتلائها يقومون بدفن بعض الجثث في مقابر السرحة القريبة من المستشفى ويصنعون شواهدها للقبور ، ويجمعون البطاقات الشخصية للمقبورين ويكتبون الاسماء ووقت الوفاء ووصف القبور في انتظار اهل الموتى الذين يعلمون لذلك بعد فترة طويلة في بعض الاحيان
مؤمن ورفاقه يقومون ايضا بجمع التبرعات وشراء الأدوية والمعينات الطبية ويوفر لهم صاحب صيدلية الروضة مصطفى المعينات الطبية بالدين وباسعار معقولة حتى وفاته بذبحة صدرية قبل شهرين وكان قد اوصى قبل وفاته
” لو جاكم مؤمن داير اي حاجة من الصيدلية ادوهو لحد ما يحل مشكلتو ”
ومشكلته ليست خاصة وانما مشكلة المدنيين والعسكريين المصابين في الحرب
تناقشنا كثيرا ، كيف يمكن لنا ان نساعد كمجموعة سودانيين ، ووجدته مهموما بهذا العمل الكبير ، في مساعدة الناس هو وعدد من المتطوعين والمتطوعات
اليوم حينما شاهدت الهجوم هنا وهناك عليه بسبب صورة البرهان ، قررت ان اتصل به لاني اعلم انه سيكون في حالة نفسية سيئة وهذا امر لا علاقة له بالقارئ ، له علاقة برؤيتي انا للأمور والدعم الذي يمكن ان يقدمه هذا التلفون لشخص أخلص للعمل العام ولان هذه الصورة رغم علمي انها اثارت حفيظة عدد من الناس بعضهم منطلقاتهم الاشفاق والغضب عليه كشخص منحاز لمبادئ بعينها ، وبعضهم هدفهم السخرية والتلويث واغتيال الشخصية
عموما انا بقليل تفكير استطيع فهم ملابسات
صورة كصورة ابو عركي البخيت مع جنود الدعم
ومع جنود مع الجيش لاحقا
صورة شيخ الامين مع الدعامة
صورة مؤمن مع البرهان وقبلها صورته مع جنود من الجيش في عقد قرآنه ، وتلك صورة مختلفة ذلك ان مستشفى النو يقع في منطقة سيطرة الجيش الان كليا
ولانني اعلم انه ليس غريبا على الاطلاق ان يكون لك صورة مع الجنود المقاتلين الذين هم ليسو القيادة الملتبسة بطبيعة الحال
ولانه اخبرني وقتها ان احد الجنود يدعى مصطفى صديق له ، صداقة نشأت حينما قدم الجندي الى المستشفى مصابا في يده اصابة تقرر فيها قطع يده ورفض مؤمن من منطلق انتظار النبض في يده وقام بتحويله الى اخصائي اصبحت اليد بعدها تعمل بجزء من كفائتها مما خلق معرفة امتدت، جمعت بينهم فترة وجود مصطفى في المستشفى وحتى الايادي المعطوبة ذلك ان يد مؤمن نفسها تعمل بجزء من الكفاءة بعد اصابته في حراك ما بعد الانقلاب
عموما هناك قصص في هامش المعارك على اي منا ان يفهمها ، ويقدرها
هناك جنود يهددون
وجنود يساعدون
وجنود يسرقون
وجنود يقاتلون
والقصص يجب ان تروى بشكل يساعد على فهمها
عرفت اننا في هذا اليوم والذي فيه لعدد كبير منا رفاهية الانتقاد ، والتخوين ، والجدل
استقبلت مستشفى النو قرابة الستين اصابة بالرصاص الطائش والدانات الموجهة
توفيت خمسة حالات
وعلى مؤمن ورفاقه توفير الدم واسعاف المصابين ، وتوفير الدواء ، وقبر المتوفين ، والاتصال بالاسر ، وجمع الاموال
وفي نهاية اليوم التحلق حول عشاء بائس من اجل الا يقع الناس من المجهود ، ثم الترتيب ليوم قادم من يوميات الحرب والموت والاصابات
انا هنا لا اتحدث حتى عن الصحة النفسية للمتطوعين
المخاطر التي يواجهونها كل يوم
التعامل مع المدنيين والعسكريين واهلهم في حالات عدم توفر العلاج او الموت
الطريق من والى المستشفى
طموحاتهم الخاصة وحياتهم
تلك حياة بذلوها كاملة من اجل المساعدة ، وتخفيف الاضرار ، والمحافظة على حياة الناس
فرفقا بهم
ليس رفقا يمنع النقد
ولكن نقدا يقوم على التفكير والتقدير
وان يفهم اي شخص يكتب
ان الكتابة من مكان امن في شأن من السماء لهم هي الدانات والرصاص لا ينبغي ان تتوقف ولكن يجب ان تكون بمسؤولية
الغريب في الامر ان الكتابة كلها توجهت لمؤمن
وكان الاجدر ان توجه للقائد العام ان يحمل الفتى في طريق رجوعه ادوية ومعينات طبية للمستشفى الوحيد الذي يعمل الان في ام درمان
نظير هذه الدعاية والتي يعلم اي شخص بقليل من التفكير
من الذي طلبها
ومن الذي صور
ومن الذي اخرج
وما هو الهدف
وعموما الظرف في ساحات الانترنت
يختلف عن الظرف في ساحات المعركة
وليحافظ اي شخص على حياته ، وعلى امانه الشخصي بالطريقة التي يقدرها والمخاطر تحيط به من كل جانب .
———١-١
هل كان علينا أن نسقط من عُلُوّ شاهق،
ونرى دمنا على أيدينا… لنُدْرك أننا لسنا
ملائكة.. كما كنا نظن؟
وهل كان علينا أيضاً أن نكشف عن عوراتنا
أمام الملأ، كي لا تبقى حقيقتنا عذراء؟
كم كَذَبنا حين قلنا: نحن استثناء!
أن تصدِّق نفسك أسوأُ من أن تكذب
على غيرك!
أن نكون ودودين مع مَنْ يكرهوننا، وقساةً
مع مَنْ يحبّونَنا تلك هي دُونيّة المُتعالي،
وغطرسة الوضيع!
أيها الماضي! لا تغيِّرنا… كلما ابتعدنا عنك!
أيها المستقبل: لا تسألنا: مَنْ أنتم؟
وماذا تريدون مني؟ فنحن أيضاً لا نعرف.
أَيها الحاضر! تحمَّلنا قليلاً، فلسنا سوى
عابري سبيلٍ ثقلاءِ الظل!
الهوية هي: ما نُورث لا ما نَرِث. ما نخترع
لا ما نتذكر. الهوية هي فَسادُ المرآة
التي يجب أن نكسرها كُلَّما أعجبتنا الصورة!
تَقَنَّع وتَشَجَّع، وقتل أمَّه.. لأنها هي ما
تيسَّر له من الطرائد.. ولأنَّ جنديَّةً
أوقفته وكشفتْ له عن نهديها قائلة: هل
لأمِّك، مثلهما؟
لولا أن محمداً هو خاتم الأنبياء، لصار
لكل عصابةٍ نبيّ، ولكل صحابيّ ميليشيا
أعجبنا حزيران في ذكراه الأربعين: إن لم
نجد مَنْ يهزمنا ثانيةً هزمنا أنفسنا
بأيدينا لئلا ننسى!
مهما نظرتَ في عينيّ.. فلن تجد نظرتي
هناك. خَطَفَتْها فضيحة!
قلبي ليس لي… ولا لأحد. لقد استقلَّ
عني، دون أن يصبح حجراً.
هل يعرفُ مَنْ يهتفُ على جثة ضحيّته –
أخيه: “الله أكبر” أنه كافر إذ يرى
الله على صورته هو: أصغرَ من كائنٍ
بشريٍّ سويِّ التكوين؟
أخفى السجينُ، الطامحُ إلى وراثة السجن،
ابتسامةَ النصر عن الكاميرا. لكنه لم يفلح
في كبح السعادة السائلة من عينيه. ربما.
لأن النصّ المتعجِّل كان أَقوى من المُمثِّل.
درويش

Omer Ushari Ahmed