تحقيقات وتقارير

ترتيبات حميدتي لساعة الصفر استمرت خمسة اعوام: من الذي أطلق الرصاصة الأولى؟


فتاح يا عليم رزاق يا كريم .. على وقع هذه الترديدات كان العم “محمد النقي ” _ستيني _ يحرك مفتاح متجره بسوق بحري، صبيحة السبت الخامس عشر من أبريل 2023، وهو يستعد للعمل ليفي لاسرته بالتزامات العيد وفق ما وعدهم، فما هي الا ايام خمس تلك التي تفصلهم عنه، قبل أن تتغير الاحوال ويبدأ الحديث همسا وجهرا بين التجار والباعة داخل السوق، عن اندلاع حرب بين الجيش والدعم السريع بالخرطوم .

التفاصيل في وقتها لم تكن حاضرة للعم محمد ومن معه، رغم توقعاتهم باندلاع الحرب جراء معطيات الأحداث الأخيرة الساخنة بين الجنرالين وقتها، ما جعل الأسئلة حاضرة حول مالذي حدث وكيف حدث، وكان السؤال الأهم والاكثر إلحاحا و هو من الذي أطلق الرصاصة الأولى، ومن الذي بدأ ؟

الخروج من عباءة الجيش
بين جدلية” الرصاصة الأولى” في حرب الخامس عشر من أبريل، التي توافق ذكراها اليوم، تبياين الاراء كل وقف انتمائه وولائه واجندته ، وحبه ومقته، فهناك من يردد بأن الجيش داهم الدعم السريع في مقره في أرض المعسكرات جنوب المدينة الرياضية بالخرطوم، وهو الذي أطلق الرصاصة الأولى، حسب تصريحات قائد الدعم حينها بأن الجيش هو من اعتدى عليهم، فيما يؤكد آخرون ووفقا للشواهد والمعطيات والحقائق بأن الدعم هو من أطلق الرصاصة الأولى واعتدى على “ربيبه” لمعطيات كثيرة في اولها التوقيت الذي اندلع فيه القتال .

وكشفت مصادر عسكرية رفيعة ل “الكرامة” تفاصيل كثيرة حول انطلاقة الرصاصة الأولى صباح السبت الأسود.

ويرى عدد من المراقبين ان الكثير من الأحداث على مدار سنوات خمس من التحولات الممرحلة في علاقة الدعم السريع بالجيش، تقف شاهدة وحاضرة حول تكتيكات بدأها قائد الدعم للوصول للحكم، كانت اولاها في سبتمبر 2019 حينما تم إلغاء المادة (5) من قانون الدعم السريع والتي تجعله يأتمر بامر القوات المسلحة، سيما انه يعلم أن الجيش لن يرضى باعتلائه السلطة، لكن أولى التكتيكات كانت هي الخروج من عباءته ثم تأتي بقيتها تباعا.
شواهد الوصول

وتذهب المصادر إلى أن قائد الدعم كان يخطط وفقا لشواهد كثيرة للوصول إلى السلطة منذ سقوط نظام البشير ابريل 2019 مؤكدة على ان حميدتي هو الذي أطلق الرصاصة الأولى، بعد أن بدأ التحركات في الاستيلاء على عدد من المقار وأصبح يؤسس لدولة داخل دولة.
وبحسب المحلل السياسي عمر خليفة فان الجيش تاريخيا ومنذ استقلال السودان لم يقدم على اي خطوة سواء كانت انقلابية او تصحيحية او خلافه، في الساعة الثامنة او التاسعة صباحا مثلما حدث، في ال 15 من ابريل العام الماضي، بعد أن زاول المواطنون اعمالهم، وذهب التلاميذ إلى مدارسهم.

ويشدد في حديثه ل “الكرامة” على أن المواطنين درجوا عادة على أن يستيقظوا على مارشات الجيش العسكرية خلال اي قرار اتخذه او انقلاب قام به منذ عهد الرئيس الأسبق إبراهيم عبود.

ويذهب خليفة إلى أن الدعم السريع يفتقد للاعراف والتقاليد العسكرية ما جعله يقدم على الخطوة ويطلق الرصاصة الأولى في توقيت الجميع يزاول فيه اعماله بشكل طبيعي، وحتى يكمل مخططه مع القوى الداعمة له، كان لابد من ان يكذب ويدعي ان الجيش هو من اعتدى عليه، لكن من يعرف القوات المسلحة جيدا يعلم أن الدعم هو من بدأ.

ساعة الصفر
وبحسب مدون عسكري تحدث ل (الكرامة)، فإن الدعم السريع هو من أطلق الرصاصة الأولى صبيحة الخامس عشر من أبريل، في حوالي الساعة الثامنة والنصف صباحا التي اختارها ساعة صفر لحربه واغتيال البرهان والاستيلاء على السلطة.

وقال المدون إنه في يوم 11 ابريل بدات قوات الدعم السريع في التوسع في مناطق بالسودان غير متفق عليها مع الجيش وبدون علمه.

وأكد انه في يوم 10 ابريل بدأ حميدتي بتحركات عسكرية ضخمة داخل العاصمة الخرطوم وذلك من خلال جلب دبابات من دارفور، بجانب مجموعة من الجنود إلى المدينة الرياضية، مع نشر عدد من المركبات في شارع الهوا بمدينة جبرة بالخرطوم وحول المدينة الرياضية.

وذكر ان حميدتي قام بزيادة عدد القوى في مطار الخرطوم والقصر الجمهوري وحول القيادة العامة وبالإذاعة والتلفزيون وحول المعسكرات ايضا، قبل أن يتحرك ويذهب إلى مطار مروي بكميات كبيرة، ويضيف المدون: (مروى كانت القاصمة ومن بعدها بدا التوتر الحقيقي ما جعل المتحدث الرسمي يصدر بيانا في ال13 من ابريل يدق فيه ناقوس الخطر).

خذلان
ويمضي المدون العسكري الى القول انه وفي صبيحة 14 ابريل وبعد أن فشلت كل المحاولات للجمع بين قائد الجيش والدعم السريع، بسبب الخلاف حول الاتفاق الإطاري، فيما أعلن حميدتي وشقيقه الاستجابة لقادة الحركات وبعض القوى السياسية لراب الصدع، كان حميدتي يخطط لساعة الصفر مع مجموعات داخل الجيش لا غتيال البرهان ونوابه وبعض العسكريين ثم يعلن انحياز القوات المسلحة للدعم السريع لتأمين العملية السياسية في البلاد بمباركة من المجتمع الدولي.

وأضاف أن ساعة الصفر صباح 15 أبريل بدأت باحتلال مطار الخرطوم وحشد مجموعات كبيرة في شارع الهوا والمدينة الرياضية ثم الالتفاف على المنطقة حول القيادة العامة ثم الإذاعة ثم منطقة امدرمان العسكرية وفي قري حول المصفاة..

ونوه إلى أنه وفي تمام الساعة التاسعة صباحا بدا الدعم الهجوم على منزل القائد العام للجيش بمجموعة كبيرة تم حشدها منذ مساء يوم 14 وصبيحة 15 أبريل في حي المطار وتمت محاولة منزله ثم القيادة العامة، لكن حميدتي فشل في إيجاد موافقة من قوة كان يعتمد عليها تراجعت لجهة ان القائد العام يمثل رمزية للجيش، فيما كان وقتها يستعد للذهاب للقصر لإذاعة البيان قبل أن تبدأ المواجهة في مطار الخرطوم ثم القيادة العامة الجهة الشرقية ثم تدوين من برج الدعم من الناحية الشمالية للقيادة العامة ثم مواجهة عسكرية في حي المطار في المنطقة الواقعة بين منزل قائد الدعم السريع و منزل قائد القوات المسلحة المجاورين، ثم مواجهة عسكرية كبرى أدت إلى سقوط الحرس الرئاسي ثم كانت المواجهة بقيادة القائد العام مباشرة إلى أن تدخلت مجموعات مساندة لحماية القيادة العامة.

وتابع المدون قوله “تولى بعد ذلك الطيران الحربي ضرب أهداف عسكرية في برج الدعم السريع ثم معسكر الدعم بالرياض ثم مواجهة في معسكر سوبا ثم صالحة وطيبة وايضا مواجهة في بعض المقار العسكرية التي تتبع للقوات المسلحة، ثم عملية قوية لقوات الجيش في منطقة سكراب بامدرمان أدت إلى قتل أكثر من 4 الف جندي من الذين يعدون كقوة إسناد للدعم، قبل أن يصاب حميدتي ويتولى شقيقه عبد الرحيم العمليات القتالية.

الكرامة: هبة محمود