رسول الإبادة وطاعون المدن.. علي يعقوب … نهاية سفاح
على طريقة قائده ” حميدتي ” بدأ ،علي يعقوب جبريل، حياته راعياً للماشية ثم ناهباً لها ثم متاجراً بها ، ثم مفوجاً بحرس الحدود ، ثم حاملا لرتبة عسكرية على نهج الضباط الملايش أو من أصطلح على تسميتهم شعبياً (ضباط الخلا) لينشط بعدها في مليشيا الدعم السريع و ترفعه صلة قرابته بحميدتي و جرائمه و دمويته سريعاً لرتبة اللواء، فالرجل المولود في العام 1964 بمدينة زالنجي بإقليم دارفور يقول عنه معاصروه انه لا يعرف سوى لغة الدم. و في راي الكثيرين، أن ما يعم السودان من فرح لمقتله في معارك مدينة الفاشر ، هو تعبير عن إحساس شعب كامل بتخلصه من رجل شكل خطر على حياة السودانيين جميعاً ، و وصل بجرائمه حد أن يصنفه العالم في قائمة لابراز سفاحي الحروب في العالم ، مستحقاً عقوبات دولية امريكية في مايو من المنصرم.
تاريخ دموي و عنصري :
في مناطق عدة و على رأسها نيالا و زالنجي و مليط والفاشر ، لن تجد أحد لا يعرف اللواء خلا علي يعقوب ، فكفه الملطخة بالدماء مطبوعة في فضاءات القرى و المدن، و أوامره بالإغتيال و الاعتقال و الحرق و الاغتصاب لا تفرق بين طفل أو إمراة او محارب. ستون عام هي السنوات التي عاشها (يعقوب) كما تشير أوراقه الرسمية ، كان أغلبها خارج القانون و الضمير الإنساني، كما راها الناس بأعينهم في السوادان و كما أشارت إليها التقارير الدولية ،لا سيما جرائمه خلال حرب أبريل 2023 هذه، فالرجل و إن حاولت المليشيا و حلفائها السياسيين ، أن يرفعوه لدرجة شهيد و يحولوه لبطل حربي ، فإن تاريخه المسجل الموثق لا يضعه إلا في صفحات القتلة و المطلوبيين الدوليين و اعداء الانسانية و مفسدي السلام كما وصفه تقرير للحكومة الامريكية قبل شهر فقط من وفاته.
إنتهاكات زالنجي:
بمجرد دخوله لزالنجي و التي دخلها كعادة المليشيا بعد قصف طال المدنيين و اوقع بهم العديد من الشهداء و الخسائر ، قام ( يعقوب) الذي اصبح واليا لوسط دارفور بحملات اغتيال و ارهاب واسعة بمدينة زالنجي، شملت المنازل والمدارس التي نزح اليها الناس و خاصة الحي الغربي و الفيحاء و الحميدية ، إضافة لعمليات سلب ونهب واسعة وحرق لمنازل المواطنيين مما إضطر الالاف للنزوح في ظروف صعبة الى قولو ، نيرتتي، روكرو، ام دخن، وادي صالح و مكجر ومناطق عدة ، بينما تم اختطاف العديد من الشباب خاصة بكنجومية. أيضا شملت عملياته التدمير والنهب لعدة مؤسسات خدمية منها مستشفى زالنجي، جامعة زالنجي ، وزارة الصحة، بنوك المدينة، مكاتب يونتامس و منظمات دولية.
عشرات حالات الإغتصاب تحت عينيه :
أصدر الرجل الستيني أوامره لجنوده بتأديب مواطنيها ، فعاثوا فيها فساداً و قاموا من ضمن اعمالهم الاجرامية بإغتصاب عشرات النساء ، العدد الاكبر منهم بمعسكر الحصاحيصا للنازحين، حيث ظلت بعض الفتيات باحياء كالمحافظيين يخضعن للاغتصاب الجماعي اليومي المتكرر.
مليط و الغدر المتأصل :
عابراً لبحر الدم الذي تركه خلفه في زالنجي و نيالا، إتجه علي يعقوب إلى مدينة مليط، و التي ظلت ترفد الاقليم باحتياجاته الغذائية عبر الحدود، ولم تكن مسرحاً لاي عمليات عسكرية ولم تتواجد بها سوى وحدة صغيرة من قوات الكفاح المشترك ، تقوم بتسهيل حركة التجارة بين السودان و ليبيا، وتقول أخبار دارفور، وقتها أن (يعقوب ) التقى (اللجنة الاهلية) للمنطقة هناك و قال لهم أنه ” عابر و لايريد البقاء ” و لكن الرجل حشد قواته و هاجم القوى الصغيرة و هاجم المدينة و ارهب سكانها و حولهم لدروع بشرية ضد هجمات الطيران ، فاستبسلت قوة حركات الكفاح وهي تواجه قوة حوالي 20ضعف قوتها ، لتستولي قوات يعقوب على مليط و تقطع الامداد الغذائي عن مدينة الفاشر، في مشهد يوضح ان المليشيا لا عهد لها و لا اتفاق و لا رؤية إنسانية
حصار وقصف مواطني الفاشر :
من مدينة زالنجي ، حشد (يعقوب) قواته و ذات تعطشه للدم و جاء لمدينة الفاشر ، بخطط تعتمد في الاساس على قصف وتدوين المواطنيين لارهابهم و بث الاحباط فيهم و دفعهم للاستسلام ، مع عمليات تقدم هنا وهناك للاجتياح ، مئات القتلى والمصابين من المدنيين في الأحياء السكنية و تدمير و حرق للمنازل والمؤسسات و المستشفيات هي حصيلة أعمال (يعقوب) في الفاشر ، قتل يومي لم يسلمه منه المرضى و مرافقيهم في المستشفيات.
و إمتدت جرائم مليشيا الدعم السريع و قائدها يعقوب بالفاشر فلم تسلم منها حتى معسكرات النازحين والتي تم قصفها في مرات عديدة مما أدى لإسشهاد العديدين، كما قامت المليشيا بمطاردة و ملاحقة كثيرين من الذين حاولوا النزوح وأردتهم قتلى و نهبت اخرين .
أمريكا على الخط:
في 15 مايو من العام الحالي فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية (OFAC) عقوبات على (يعقوب) و زميله في الجرائم و القيادة اللواءعثمان محمد حامد (عمليات) و ذلك بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098 ، لقيادتهما الحملة الحربية لقوات الدعم السريع. و قالت الوزارة الامريكية أن هجمات قوات الدعم السريع في شمال دارفور، والتي بدأت أبريل 2024، تسببت في عدد كبير من الضحايا من المدنيين، بينهم أطفال و أن الهجوم على الفاشر أدى الى تعريض ما يقرب من مليون مدني سوداني للخطر في آخر ملاذ آمن رئيسي في دارفور، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وزيادة خطر وقوع فظائع جماعية، ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوضع. وتقويض جهود السلام الحيوية.
و وصف التقرير علي يعقوب جبريل ، بأحد مفسدي السلام مفسد السلام ، وأن له دور فعال في عمليات قوات الدعم السريع في دارفور، بما في ذلك الهجمات التي شنتها مليشيا قوات الدعم السريع في شمال دارفور وأنه يعتبر متورطاً بحكم مناصبه في المليشيا في أعمال و سياسات تهدد السلام و الأمن و الاستقرار في السودان.
ما ذا يعني مقتل يعقوب ؟
الرائد أحمد حسين مصطفي ، المتحدث الرسمي بإسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، إعتبر أن مقتل علي يعقوب يمثل قضاء عار رأس الأفعى وقال (مصطفى) في بيان له أنه و منذ ما يقارب شهر من الزمن ظل المجرم الجنجويدي علي يعقوب قائد مليشيا الجنجويد يدير حملة بربرية إنتقامية وحشية للهجوم على مدينة الفاشر و القري المجاورة إما بمحاولات فاشلة بكل السبل للإجتياح او بتدوين مدفعي من خارج المدينة لإستهداف الأحياء السكنية المكتظة بالسكان و مراكز إيواء النازحين و المستشفيات و ذلك لترويع المدنيين الأبرياء و قتلهم و تشريدهم ، حتى تم وضع نهاية لما سماها البيان بالمهزلة الاجرامية ، عبر خطة عسكرية محكمة من القوات المشتركة لحركات الكفاح المسلح و القوات الشعب المسلحة (أسود الغربية ) والقوة الشعبية للدفاع عن النفس( قشن ) والمقاومة الشعبية .
خسائر كبرى:
و إن كان مقتل قائد مليشيا الدعم السريع بالفاشر، علي يعقوب ، يمثل اكبر مكاسب معارك الفاشر ميدانيا اليوم، فإن مكاسب أخرى كبيرة قد تحققت في معارك الفاشر، حيث يقول الرائد احمد حسين أنه قد سطر بواسل القوات المشتركة لحركات الكفاح المسلح و القوات المسلحة السودانية والقوة الشعبية للدفاع عن النفس والمقاومة الشعبية تاريخاً جديداً من البطولات في هذه المعركة التاريخية، حيث قادت هذه القوات ملحمة قوية قدمت من خلالها دروسا في القتال لمليشيات الجنجويد، و انهم قد كبدوا العدو خسائر كبيرة و فادحة في الأرواح و العتاد، حيث تم القضاء على اكثر من 1000 مرتزق من الجنجويد و عرب الشتات الأفريقي على رأسهم علي يعقوب القائد و المشرف علي محرقة الفاشر و القائد الفعلي لمليشيات الجنجويد بدارفور و السودان بعد هروب و إختفاء اخوة آل (دقلو) و عدد كبير من مليشياتهم، و أنهم دمروا أكثر من 60 آلية عسكرية تابعة للمليشيا و سيطرت قواتهم علي (40) آلية عسكرية ذات الدفع الرباعي و عدد (7) من المدرعات وعدد (3) حافلات للمؤن و الزخائر و تم أسر اكثر (43) من مليشيات الدعم السريع و جاري حصر بقية التفاصيل.
ما بعد مقتل يعقوب:
الرائد /احمد حسين مصطفي المتحدث الرسمي بإسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، قال في بيانه أنه بمقتل المجرم علي يعقوب قائد محرقة قري و مدن دارفور قد إنتهت أسطورة مليشيا الدعم السريع الي الأبد و بدأت نهاية قوات المرتزقة الإرهابية التي مارست كل أنواع الجرائم الإنسانية و الوحشية ضد شعبنا في كل السودان و خاصة في دارفور، و هذا بمثابة القصاص للنساء و الأطفال و جميع الأبرياء الذين تم قتلهم و ترويعهم من قبل هذه المليشيا منذا بداية حربهم البربري الغير مبررة علي الشعب السوداني.
و أكد ( مصطفى ) أنهم في القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح و القوات المسلحة السودانية والقوة الشعبية للدفاع عن النفس و شباب المقاومة الشعبية و الكنداكات في الصفوف الأمامية بمحور الفاشر ، يؤكدون و يجددون العزم مع شعبهم الصامد في جميع ربوع البلاد بأنهم ماضين قدما بخطي ثابتة لدحر بقايا مرتزقة الدعم السريع من دارفور و تطهير كامل تراب الوطن السوداني من دنس هذه الآفة الإجرامية / مبشرين الشعب السوداني في الخرطوم و الجزيرة و الإقليم الشمالي و شرق السودان و كردفان و دارفور و النيل الأزرق و الوسط بنهاية إنقلاب أبريل و مرتزقة آل دقلو الإرهابية.
و يرى مراقبون و ناشطون أن النصر الكبير بالفاشر يجب ان يتبعه حذر و يقظة من أي محاولات لمليشيا الدعم السريع للثار لقائدها و محاولة مسح آثار هزيمتها النكراء، وضرورة تضافر المواطنيين مع الجيش والقوات المشتركة و المقاومة الشعبية للدفاع عن النفس وجميع الفئات لحماية الفاشر و تعزيز الانتصارات حتى القضاء على المليشيا و هزيمتها.
#الدعم_السريع_مليشيا_إرهابية
#السودان #دارفور #الفاشر
#صحيفة_شوارع
تقرير : شوارع