هذيان فريدمان الفهمان
(تضطرني ظروف طارئة وقاهرة إلى نشر مقالات سبق لي نشرها هنا عام 2006، فالمعذرة، على أمل استئناف سلسة «مهن ومحن» قريبا إن شاء الله).
لا أفهم لماذا يتحول الاستماع إلى الغناء والموسيقى عندنا إلى «شغلانة»، بحيث يخيل إليك أن هناك شريحة من المجتمع لا شغل لها سوى متابعة الأغاني والمغنين، وأخبار المغنين و(خصوصا) المغنيات، على تفاهة تلك الأخبار، لأنها تتعلق بأن فلانة قامت بتصغير أنفها، وأن فرتكانة تزوجت سرا فوق زوجها الأصلي!! وكتبت هنا عدة مرات حكايات تثير في نفسي القرف، عن سلوكيات بلهاء يرتكبها من يسمون أنفسهم أهل الفن، أو من يهيمون بحب «أهل الفن» وكان الغرض من ذلك أن أثبت بالوقائع أن بعض أو كل ذلك ضار بالصحة وبالعلاقات الأسرية، وسردت عليكم كيف طلق مصري زوجته، لأنها أهملت أمره لتتابع حفلا تلفزيونيا لكاظم الساهر، وكيف أن العشرات تعرضوا لإصابات بعضها جسيم، عندما اندلعت حرب أهلية خلال حفل للساهر في الأردن قبل سنوات، وكيف أن سيدة شقت الطريق وسط آلاف كانوا يتابعون حفلا لمطرب لبناني سكند هاند اسمه ملحم زين لتقبله ثم ماتت لأن القبلة كانت سامة فيما يبدو، وأعود لأذكِّركم بحكاية شهيرة لملحم زين هذا الذي كان نكرة وصار «نجما» في نظر ناقصي العقل والدين من الجنسين، بعد أن كاد يشعل حربا أهلية في لبنان، وينسف كل أمل في الوحدة العربية عندما خسر مسابقة المطرب العربي الواعد التي أجريت تحت مسمى سخيف هو «سوبر ستار العرب»!! سوبر ستار تعني «نجم النجوم» فكيف يكون مطرب لم يسمع به أحد ويحاول أن يثبت وجوده لأول مرة أمام الجمهور نجما للنجوم؟ في كل بلاد الأرض يستمع الناس إلى الغناء والموسيقى، ولكن في أوقات فراغهم، ولا أفهم لماذا ينشغل الناس بأن نوال الزغبي تحب التبولة، أو أن نجوى كرم تخاف من النوم في الظلام، أو يصدق أن تامر حسني صار «المسيح عليه السلام» لأنه زعم أن فتاة مشلولة نهضت واقفة من كرسيها المتحرك بمجرد رؤيته وجها لوجه! ولماذا يضحي إنسان بزوجته أو تضحي زوجة ببعلها من أجل أغنية؟ لماذا يرسب الآلاف من عيالنا في المدارس لأنهم يضعون على آذانهم ليل نهار سماعات تغذيهم بتشكيلة من الأغاني عبر جهاز الووكمان أو الآيبود؟
توماس فريدمان الكاتب الأمريكي الأشهر الذي لم يفتح الله عليه قط بكلمة طيبة في حق العرب والمسلمين، تناول برنامج سوبر ستار العرب وقال إن حرص الملايين على الاشتراك في عملية التصويت لاختيار نجم النجوم المتوهم دليل على أن العرب قادرون على ممارسة الديمقراطية!! داهية تاخدك وتأخذ الديمقراطية يا فريدمان إذا كانت البروفة لها اختيار مغنية أو مغن، مع كل ما يصاحب ذلك من أحداث عنف وتشنج وتهريج.. كيف يكون ذلك يا خواجة فريدمان يا فهمان، وقد «ثبت» أن أصداء «الديمقراطية» ترددت، كما حدث في دبي قبل سنوات عندما هجر زوجان عيالهما الأربعة، بعد أن تشاجرا بسبب إدمان الزوجة متابعة برنامج سوبر ستار وإهمال أمر بيتها، مما استوجب تدخل قسم التوجيه والإصلاح الأُسري في دبي لتسوية الأمر، فتعهدت الزوجة بعدم متابعة البرنامج، ولكن الزوج عاد ذات يوم ووجد المدام مشغولة على الهاتف تدلي بصوتها أكثر من مرة لصالح هذا المطرب وتلك المطربة، وطلب منها إعداد العشاء فرفضت، فهجم على التلفزيون وحطمه فما كان منها إلا أن حملت مزهرية وحطمتها.. ولكن على رأسه، واندفع الاثنان خارجين وتركا العيال مع الخادمة أربعة أيام، ووصل الأمر إلى ساحة القضاء حيث طلب الرجل الطلاق!! أي قضاء يا رجل؟ طلقها وطلق أبوها وأبو من خلفوها، والجأ للقضاء فقط لحرمانها من حضانة العيال، وأنا أدفع لك مؤجل صداقها ونفقتها مدة عشر سنوات فهي في تقديري لا تستاهل أكثر من عشرة دراهم في الشهر!
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]