قانون العمل الحالي ضد التنمية وضد حقوق الإنسان!
ما زلت احتاج إلى كثير من الدفوعات حول ما كتبته من قبل بعنوان: “قانون العمل ضد الحق في العمل” وأنا ثابت على موقفي ولن أتزحزح بل إنني أعتقد أنني فنّدت الحجة الأساسية التي يدافع بها أنصار القانون الحالي ويدعون أنهم يدافعون عن حقوق الإنسان وأن حقوق العمال محمية بالمظلة الكبيرة لحقوق الإنسان ولذلك يجب حمايتها بذات المقدار الذي تحمى به حقوق الإنسان.
القانون الحالي ضد حقوق الإنسان وفي هذا السياق لا أجد مناصاً لإعادة هذه الفقرة المحورية التي كتبتها من قبل:
حقوق الإنسان تملي علينا الحديث عن “الحق في العمل” أو “الحق في توفير فرصة عمل لكل مواطن ومواطنة” قبل الحديث عن حقوق نهاية الخدمة … ومكافآت العمال والهامش المختلف حوله في هذه المجالات. الحق في العمل وهو من الحقوق الأساسية في حقوق الإنسان – يا سادتي يضيع تماماً بوجود هذا القانون الساري ولا أتردد مطلقاً في هذه المسألة. فالقانون الحالي “يطفش الاستثمار” ويضعف التنمية ويرهب المخدمين من توسيع أعمالهم … وبالتالي يقلل من تدفق رؤوس الأموال (الوطنية قبل الخارجية!) ويقلل من المشاريع الاستثمارية الضخمة التي تكفل فرصاً أكثر للمواطنين السودانيين. المستثمر إذا افتتح مصنعاً سيتردد ألف مرة في إضافة وردية جديدة “مثلاً” حتى ولو رأى المواد الخام (بالهبل!) والمنتجون أو المستوردون يتسولون المشترين (ولو بالكسر!) … حتى ولو حدث هذا فإنه لن يضيف وردية ولا خط إنتاج أو مصنع جديد … لأن السوق إذا تراجع فإنه يجب أن يسدد حقوق نهاية خدمة لهذه الوردية وسيكون المبلغ المطلوب يتجاوز كل ما أنتجه لمدة عام من الوردية الأولى وسيردد حينها … “على إيه الغلبة والمشاكل والمغامرات” … كفاية ربح محدود وعمال قليلون ولا داعي للانتحار..
يجب أن نناقش قضايانا بواقعية ووفق منهج عملي ويجب على زملائنا في اتحاد أصحاب العمل (وأنا منهم بسبب المنشأ الصحفي النقابي) أن نتوافق على قوانين تنظم العمل وعلاقات الخدمة بحيث يتوفر “الحق في العمل” من الأساس.
باختصار يجب تعديل القانون ليس لمصلحة المستثمرين و(البزنس) ولكن حتى يجد المواطن السوداني العاطل فرصة عمل ولو لفترة نصف سنة بدلاً أن يظل عاطلاً طوال العام … أويتحول إلى نازح أو متمرد أو مجرم … ولو تم تعديل القانون سينتعش الإنتاج لوجود طلب وأسعار أفضل وتمويل مضمون ..!
في هذا السياق أعتقد أن “قانون العمل” الحالي ليس مجرد ضد حقوق الإنسان ولكنه من مهددات الأمن القومي السوداني.
من أجل السودان وبدون تردد ومن أجل العمال والمواطنين أطلق هذه الدعوة لأن القانون الحالي … ظاهره الرحمة بالعمال وباطنه جحيم حقيقي للعمال وللسودان … وبسببه تصبح مؤتمرات الاستثمار يا وزارة الاستثمار مجرد “طق حنك”!
أنا غير مقتنع بأن نتقاتل لضمان دفعية (سبعة أشهر) لعدد محدود ومقدر من العمال مقابل أن يعود أحد العمال لمنزله فيجد أبناءه السبعة عطالى لمدة خمس سنين وينتظرون فترة عطالة أخرى لمدة خمس سنين مقابل أن يظل السودان يردد (أناشيد) عن فرص الاستثمار وعهد التنمية وآفاق (الوثبة) مع أن الواقع ضد التنمية وضد الاستثمار.
[/JUSTIFY]
نهاركم سعيد – مكي المغربي
صحيفة السوداني