1870م – 1879م التحريض ضد الجلابة … تباشير المشروع الاستعماري على السودان

1870م – 1879م التحريض ضد الجلابة …
تباشير المشروع الاستعماري على السودان …
المشروع الاستعماري لم يبدأ في 1896م من تحرك الجيش المصري من وادي حلفا نحو دنقلا بقيادة كتشنر باشا كما هو معلوم ، وانتهت الحملة في كرري 2 سبتمبر 1898م.
بدأ هذا المشروع في 1870م تحرك حملة فتوحات خط الاستواء من الخرطوم بقيادة البريطاني اليhودي صموئيل بيكر وهذا ما أن وصل غوندوكرو حتى بدأ إصدار فرمانات طرد الجلابة إلى الشمال وكانت قراهم كثيرة ومنتشرة من غرب بحر الغزال إلى شمال يوغندا واستمرت عمليات طرد الجلابة حتى ختمت في 1879م بالحرب ضد سليمان الزبير باشا حيث قام رومولو جيسي مدير بحر الغزال الايطالي بإعدامه غدرا بعد استسلامه نتيجة رسالة تلقاها من والده الزبير باشا المحتجز غدرا في قاهرة الخديوي إسماعيل باشا.
الزبير باشا حدث الخلاف التجاري المعروف بينه وبين الرزيقات مما تسبب في حرب بينهم ثم امتدت لتكون حربا بينه وبين سلطان دارفور إبراهيم قرض واستشهد السلطان في معركة منواشي 1874م بين نيالا الحالية ولم تكن موجودة وقتها والفاشر.
بعدها حدث خلاف بين الزبير باشا والحكمدار اسماعيل باشا أيوب الذي وصل الفاشر بعد استيلاء جيش الزبير عليها بأيام ، وكان سبب الخلاف رغبة الزبير في ترك حكم دارفور لأهلها مقابل ربط سنوي وهو ما رفضه الحكمدار وكان هذا الخلاف من اسباب سفر الزبير باشا إلى مصر للشكوى أمام الخديوي.
هناك سبب آخر لم يذكره الزبير باشا ربما لأنه كان يعلم أن الإنجليز هم من تسبب فيه وهو حين وصل مصر وجد الإنجليز هم أصحاب النفوذ والسطوة حتى على عاصمة الدولة العلية في استنبول.
هذا السبب الذي سكت عنه الزبير باشا هو أنه بعد تأسيس حكمدارية خط الاستواء في غوندوكرو (جوبا ) في 1870م بدأت ترسل قواتها غربا وتتحرش بزرائب الزبير باشا وغيره ، كما أقام صموئيل بيكر حامية في مقرن السوباط مع النيل الأبيض اسماها التوفيقية وكانت تعترض المراكب المحملة بالعاج وتصادر أربعة أخماس الحمولة ونحن نستنتج أن هذا هو السبب الحقيقي في دفع الزبير باشا لارسال بضاعته برا مرورا بمناطق الرزيقات وهي في طريق السير من عاصمته ديم زبير شمالا نحو دنقلا لتجنب مرور مراكبهم بالتوفيقية ، ولا يوجد مبرر اقتصادي لأن النقل بالمراكب من مشرع رك حتى الخرطوم كان رخيصا جدا مقارنة بتكلفة ومخاطر النقل البري بالقوافل.
المهم ، بعد 1874م تتالى على الفاشر ودارا (حوالي 40كلم شرق نيالا وهي اطلال حاليا) الحكام الأوروبيين ومنهم النمساوي سلاتين الذي لم يكن باشا وقتها بل كان شابا عمره 23 سنة.
اذا تتبعت مسار سلاطين وهو مسافر من الخرطوم في 1879م تقريبا لاستلام وظيفته في دارفور ستجد أنه منذ لحظة دخوله دارفور بدأ فورا في تحريض الأهالي ضد الجلابة.
بدأ ذلك حتى قبل أن يصل مقره في دارا ، وفي عدة محطات ذكره في كتابه السيف والنار.
في كل مكان كان يشيطن الجلابة أمام الدارفوريين ، بل أن سلاتين صرح بالشماتة والتشفي مما فعله الرزيقات بالجلابة في شكا وغيرها حين إقتلعوا تجاراتهم ونهبوهم استجابة لأوامر غردون الذي كان وقتها في حكمداريته الثانية حكمدارا لعموم السودان برغم أن بعضهم (الجلابة) كان مقيما بينهم لسنوات وتزوج منهم فلم يشفع له ذلك وقال سلاطين أنهم (الجلابة) يستحقون ما يحدث لهم.
مؤلفات محمد بن عمر التونسي في 1805م وجوستاف ناختقال في 1874م أكدت وجود الجلابة في وداي ودارفور ومكانتهم المحترمة وأن قوافل تجارة دارفور الخارجية بطريق الاربعين كان يرأسها عادة جلابي يلقب بالخبير ويعينه سلطان دارفور
صموئيل بيكر وبعده غردون في حكمداريته الأولى في خط الاستواء في 1874م ثم في حكمداريته الثانية في 1879م كان القضاء على الجلابة وتشريدهم من أهدافهم لفتح المجال بدون منافسة أمام الأوروبيين وكلاء الشركات الأوروبية للحصول على المواد الخام مباشرة من المنتجين بأبخس الأسعار.
في كل أفريقيا لم تكن أوروبا ترغب في وجود تجارة محلية خاصة إذا كانت من مجتمعات فيها وعي مرتفع وهذا ماشهد به تحديدا جوستاف ناختقال وهو يشق طريقه من سلطنة برنو شرقا نحو وداي والفاشر.
ما أشبه الليلة بالبارحة.
#كمال_حامد 👓

Exit mobile version