البرجوازية السودانية على ذمة الواعي

البرجوازية السودانية على ذمة الواعي:
بوست إعادة تدوير.
هناك شريحة من هذه البرجوازية “المتعلمة” لن تدرك عواقب حيادها الصامت إلا بعد أن تتهاوى الدولة السودانية، فتعيش هملاً بلا هوية في عالمٍ لا يعترف بها ولا بأبنائها. ولن تفيق على الدرس إلا حين تُجرد من جوازات السفر والوثائق الثبوتية، فتصير كائناً منبوذاً، بلا كينونة قانونية ولا اعتراف إنساني، لا في الداخل ولا في الخارج إلا في زوايا معسكرات اللجوء بأفريقيا، حيث تُقاسِم الفئرانَ بقايا الكرامة.

لقد فقدت هذه الطبقة هويتها رمزياً حين ظنت أن الحرب على الدولة مجرد عبث بين “جنرالين” أو صراع ضد “الكيزان”، فانسلخت عن واقعها ورضخت لترهات طبقة سياسية كمبرادورية، جعلت من السياسة مهزلةً ومجالاً للتكسب. أما اليوم، فقد تدحرجت هذه البرجوازية من حياةٍ كريمة—وإن تعبت فيها أحياناً—إلى ذل الشتات المرهق نفسيا وماديا.

ولن تعي هذه البرجوازية معنى “الدولة” إلا حين تُحشر في رواكيب الشوالات بأطراف أفريقيا أو أريبيا، ويُدفع أبناؤها إلى مهنٍ مهينة تقتات منها العائلات بينما تنفطر القلوب حسرةً. وحتى من يحسبون أنهم أمنوا بمهنٍ محترمة في الخليج أو غيره، سيجدون أنفسهم فجأةً في مأزقٍ وجودي: فمن سيجدد لهم الوثائق؟ ومن سيدافع عن حقوقهم حين تُلغى عقودهم أو تُخفض رواتبهم؟ لا شيء يحميهم في غياب دولةٍ تُثبت للعالم أنهم بشرٌ لهم حقوق. ثم أن ما توفر لهم من فرص في مهاجر الخليج ربما لن يتوفر لبناتهم واولادهم.

لكن لا يزال هناك يلوح في نهاية النفق. فمشروع “الحلف الجنجويدي” لتمزيق الدولة لن يصمد طويلاً دون غطاءٍ بدون قبول أو سكوت شعبي يوفر ورقة توتٍ من الشرعية. لذا، فالمقاومة السياسية—وإن كانت بالكلمة—تبقى سلاحاً فاعلاً. “أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر”، وما دامت الساحة متاحة، فالصمت خيانة.

زمانٌ قلنا: البرجوازية السودانية على ذمة الواعي. واليوم نردد: يا ود مضوي، جيبو قوي.. قبل أن يُرفع عنكم القلم!

كمان ندعو الأخوة الدايرين يحلو الدولة أن يوضحو لملايين السودانيين في مصر ويوغندا واثيوبيا والخليج يجددو جوازاتهم وين وأوراقهم ألثبوتية الأخري. اقترحو لينا كفيل.

معتصم اقرع

Exit mobile version