زرافة سودانية في فرنسا ؟

زرافة سودانية في فرنسا ؟
(في أكتوبر ١٨٢٦م وصلت مدينة مارسيليا اول زرافة تشاهد في فرنسا، هدية من الحاكم العثماني محمد على إلى الملك شارل العاشر ، وكانت الزرافة قد قطعت ٢٠٠٠ ميل في رحلة نيلية من ادغال أفريقيا وصولاً إلى الإسكندرية)، تلك مقدمة كتاب الزرافة Zaraft للكاتب الفرنسي مايكل إلين وهو يتتبع رحلة زرافة سودانية شغلت العالم الأوربي ردحاً من الزمن وأستقرت في حديقة النباتات في ليون وعاشت ١٧ عاماً و٦ شهور وبعد موتها تم تحنيطها و نقلت إلى متحف التاريخ الطبيعي في لا روشيل وما زالت هناك..
فما هي خفايا رحلة هذا الحيوان الجميل وقد قطع رحلة سير امتدت ٤١ يوماً من ميناء مارسيليا وصولاً إلى باريس.. هل كانت سودانية؟..
هناك تفاصيل دقيقة وروايات عن كيفية ترحيلها ومرافقيها..
و مع ان بعض الروايات تشير إلى أن الزرافة تم جلبها من منطقة الماساي الكينية ، فإن روايات أخرى تنسبها إلى دارفور ، و بعض المؤشرات تشير إلى أن الزرافة من سنار، ولدي الأستاذ بهاء الدين احمد الحاج وزير الزراعة الأسبق بولاية سنار واحد الباحثين والمهتمين بهذه القصة رواية جاء فيها (الزرافة سودانية سنارية ، وقد ألفت فيها العديد من المراجع ومن ضمنها (كتاب الزرافة لمؤلفه مايكل ألن(فرنسي امريكي)وقد زارنا بسنار برفقة المستشار الدكتور احمد كمال الدين وقد رافقتهم وشرحت لهم آخر مكان شحنت منه الزرافات بسنار التقاطع ( مشرع الخليفة محمد الحسن وديدي) حيث كانت البواخر تمخر عباب النهر صعيداً الي الروصيرص وسافلاً الى الجزيرة والخرطوم)..
ومن خلال البحث والتقصي فإن ما أوردته الكاتبة الأمريكية
هيزر شاركي Heather J. Sharkey
فيه رواية أكثر تماسكاً مما اورده ألين في كتابه الصادر ١٩٩٨م، و أشارت في كتابها الصادر ٢٠٠٣م
La Belle Africaine: The Sudanese Giraffe who went to
France
الأفريقية الجميلة : رحلة الزرافة السودانية إلى فرنسا، (وتجدر الإشارة إلى نعت (الزرافة) اطلق عليها بعد عام ١٩٨٥م وكان قبلها إسمها (الحيوان الجميل)
وقالت هيزر ان الذي اشتراها رجل إيطالي يدعي برناردينو دروفيتي (١٧٧٦م- ١٨٥٢م). وكان قنصل فرنسا في الإسكندرية، وعمل مستشارا خاصا لمحمد علي، ويصنفه البعض على أنه “دبلوماسي انتهازي”، ويعده آخرون مجرد {لص}
وقام بتصدير عدد من الخيول من دنقلا وبعض الخراف النوبية البيضاء إلى روسيا} .. ومع سرد كل التفاصيل فإنها ترجح ان الزرافة جاءت من منطقة النيل الأزرق وهو ما يعزز فرضية كونها من سنار..
تحولت صورة الزرافة ورحلتها لمادة فنية غنية باللوحات في رحلتها المهيبة وقد رافقتها بقرتين لأغراض الحليب، مما يشير إلى أنها كانت صغيرة، ورافقها حراس على أرجح التسميات انهما (حسن وعتير)..
ويبدو ان رحلة الزرافة السودانية كانت جزءاً من مدافعات الحروب والدبلوماسية فى ذلك العصر ، وكانت الزرافة ضحية تلك الهشاشة فى العلاقات ولكنها صنعت دهشة ولهفة تجاوزت الصراع الوقتى إلى صورة ثقافية..
كتاب ألين تمت ترجمته لعدة لغات في كل العالم وتحول إلى كتيب تعليمي للصغار في بعض الدول، ولكنني لم أجد أشارة لها فى اى مطبوع سوداني أو دراسة مرجعية.. فمن يكرم زرافة السودان ، نداء إلى جامعاتنا والكليات المتخصصة وإلى متحف التاريخ الطبيعي وإلى معاهدنا، و مراكزنا الثقافية وشركتنا الكبرى.. أكرموا هذا الحيوان الجميل بدراسة مرجعية..
د. إبراهيم الصديق على
17 اغسطس 2022م





