حزام البقارة يستحيل التعايش معه.
البروفسور ابو القاسم قور عليه الرحمة والمغفرة من أبناء المسيرية، نعاه ثلاثة كتاب من ذوي الوزن الثقيل ، بروف البوني و بروف ع ع ابراهيم والصادق الرزيقي.
حتى تصل لما أرمي أنا إليه تأمل نعي الكاتب المخضرم الصادق الرزيقي الذي يقول عنه أنه من مؤسسي معهد دراسات السلام، إذ يقول عن الراحل قور ” الرجل عميق النظر، واسع الإطلاع، تتجلى مواهبه واهتماماته في مجالات متعددة سخرها كلها من أجل العلم والتحصيل الأكاديمي، ومع مجيء الإنقاذ، اتخذ مكانه في المجال الأكاديمي، حتى نال درجة الدكتوراة والأستاذية وزار عديد الجامعات الأمريكية والأوروبية والأفريقية، ولم ينس أبداً البيئة التي جاء منها التي كانت أحوج ما تكون لثقافة السلام التي جعل منها همه الأكبر والأرأس في الحياة، فكان من مؤسسي معهد دراسات السلام وأستاذ زائر في جامعات العالم الفسيح في هذا المجال، وبلغ شأواً في العلم كبيراً وعالياً.”
ثم يختم الصادق الرزيقي نعيه له بهذه الفقرة الهامة والتي بنيت عليها أنا عنوان هذا المقال يقول الرزيقي عن الراحل ” ولم ينقطع أو يغيب عنه أبداً همه الأول هو مجتمع البادية وأهله وواقع القبائل التي أوقعها قدرها على حافة النار عند الحدود الملتهبة في مناطق بحر العرب والميرم وأبيي وعلى طول الحدود مع جنوب السودان، أو التي تتلظى بشواظ الصراع القبلي. وأنتج في ذلك كتب ودراسات ومحاضرات ودورات تدريبية واستشارات، وترك إرثاً ضخماً في المفوضية القومية لحقوق الإنسان التي كانت عضواً فيها، وفوق ذلك ترك عملاً صالحاً لن ينقطع أبداً.”
ملاحظة عابرة ان الصادق الرزيقي ذيل مقاله، على غير عادته، ذيله ب “الصادق أحمد الرزيقي” والعافية درجات!
استهلالا أترحم على بروفسر ابو القاسم قور كمسلم أولا وكشخص سوداني أكبر منا سنا، وتقديرا لما قدمه من جهد اكاديمي، هكذا هي القيم التي تربينا عليناها ، ما أريد أن أصل اليه ليس النيل من شخصه بل تبيان هذه المفارقة لشخص ملك كل هذه المؤهلات التي تدعوا وترسخ لثقافة السلام، المؤهلات التي توفرت له للتخفيف من عنف باديته التي طالتنا ولكن لم يحدث أثرا يذكر، ستصدم عزيزي القارئ مما ذكره بروف عبد اللطيف البوني عن صديقه الراحل في آخر زيارة له للراحل في القاهرة قبل وفاته بيوم واحد، اذ ذكر ما نصه ” . تحدثنا كثيرا في حالة البلد الدامعة ، قلت له بختك يا قور اهلك الدعامة عدمونا الحبة وانت لا عندك عربية عشان يشيلوها ولا بيت عشان يخربوه… فرد لكنهم ضروني في اعز ما املك فإن قلبي يتمزق الان حسرة على الدار الاصبحت خلا ان كل رجال المسيرية قد ماتوا فمن أسرة قور رحل عدد لايحصى من الشباب.. وقال لي أن زوجته فقدت أربعة من اشقائها ” انتهى.
ليبقى السؤال اذا رجلا منهم توفرت له كل تلك المؤهلات ليحدث أثرا إيجابيا في التخفيف من عنف البادية الكامن فيهم واذا كانت هذه هي الدائرة الضيقة من آل قور وقد قتل منها عدد لا يحصى من الشباب بل من نسابته إخوة زوجته أربعة منهم!! وكل ربعه وابناء عمومته مشاركين في هذا العنف، يتزعمه ويرتاده عشيرته الأقربين ضد بقية بني وطننا قاطبة فكيف بالأبعدين؟! وكيف بالجهال الموتوروين من عمد ونظار في حزام البقارة هذا؟ الذين يسهل شراء ذممهم كما تفعل الإمارات او أي مجنون غدا يحكم ليبيا.
بروف قور وهو من هو، في التحصيل الأكاديمي وقد لبث في قومه سنينا عددا يدعوهم للحسنى لم يحدث أي أثر.
يا قوم يستحل التعايش مع حزام البقارة السوداني ، هذا حزام بائس للموت المجاني ممتد من شرق تشاد الى شمال افريقيا الوسطى ومنه الى حزام البقارة السوداني ، إنهم يقتلون و يزهقون الروح من أجل موبايل أو حمل أو عتود ، يمكنك في سوداننا هذا أن تحمل حقيبة مليئة بالذهب من حلفا القديمة الى دنقلا الى كرمة ومروي والى عطبرة وبورتسودان وكسلا والقضارف ومدني وكوستي في اي وقت، في ظلام من ليل أو ضحى، دون أ تخشى أحدا، لكن في المقابل ان كان معك، ليس ذهبا، بل حملا صغيرا، وليس خروفا مكتملا حتى ، خذه من شمال دارفور الى جنوبها، فستزهق روحك.
والحال كذلك ما الحل؟
وقد يقول البعض ان بعض مكونات العطاوة تقاتل مع الجيش، حسنا سأجيب على هذا السؤال بآخر المقال.
الحل هو في تحرير الفاشر والجنينة وانشاء اقليم شمال دارفور بالتنسيق محليا بين الزغاوة و موسى هلال، مستقبلا، يبحث أمر الوحدة او الانفصال بإحسان مع اقليم شمال دارفور ، و كذلك التنسيق خارجيا مع فرنسا وأمريكا والأمم المتحدة ،أما إقليم الضعين نيالا كاودا أبيي، أي اقليم جنوب دارفور، شاملا ولايات جنوب دارفور وشرقها وغرب كردفان، فليكتفي الجيش بالاقتراب من هذه الحواضر، فان رأى تمردا على حكم الميليشيا وتأييد للجيش تضم للوطن، مع تولية ضباط من الجيش وطنيين من تلك المدن لحكم ذاك الاقليم ، وإلا، فلندعهم يجربوا حكم أنفسهم ، وليستعدوا ليكونوا اقليم كردستان السودان، بل وليستعدوا ليكونوا دولة قائمة بحد ذاتها.
طارق عبد الهادي
طارق عبد الهادي: حزام البقارة يستحيل التعايش معه
