دليل الرجل الذكي في التحريض على التدخل الخارجي

دليل الرجل الذكي في التحريض على التدخل الخارجي:
خلال سنوات الحرب الباردة، من منتصف القرن الماضي وحتى عقدها الأخير، كان اختراع “الخطر الشيوعي” أو المبالغة في تضخيمه حيلة شائعة لتمهيد الطريق للتدخل الخارجي في شؤون الدول وتقويض استقلالها. كما كان هذا التضخيم وسيلة استخدمتها البرجوازيات الحاكمة في دول الجنوب للتسول وتضخيم حجم الدعم السياسي والمالي والعسكري الأمريكي والغربي. وهذا بعض مما تعلمناه من تحليلات الأستاذ محمد إبراهيم نقد.
وبعد سقوط الشيوعية، احتاج الاستعمار إلى غطاء آخر للسيطرة على الشعوب، بعد أن انتهت صلاحية محاربة الشيوعية كذريعة إيديولوجية وإعلامية. وهنا برز “العبع الإسلامي” ومحاربة “الإرهاب” كبديل تاريخي مناسب، حل محل محاربة الشيوعية، ليصبح “إنقاذ الشعوب من الإرهاب الإسلامي” هو البديل المزعوم لإنقاذها من دكتاتورية أحفاد لينين.
أتفهم أن تغيب هذه النقطة عن وعي الأجيال الشابة أو عن أنصار التدخل الخارجي في كل زمان ومكان، ولكنني لا أفهم كيف غابت عن شيوعيين ويساريين! لكن “الله غالب” كما يقول أهل اليمين.
كما تم تبرير تدخلات خارجية فظة في شؤون دول بحجة استخدام نظمها لأسلحة كيميائية. لذلك، يمكن القول إن الفصل الأول من كتاب “دليل الرجل الذكي لتأليب التدخل الخارجي” كان عن تهويل الخطر الإسلامي، بينما جاء عنوان الفصل الثاني ليكون: “اخترع أو هول استخدام أسلحة كيميائية”.
ما سبق لا يعني بأي حال التستر على استخدام أسلحة محرمة دوليا إذا ما حدث فعلاً، بل يعني أن هذه قضية بالغة الحساسية، قد يُترتب عليها تبرير تدخل استعماري جائر. لذلك، لا يجوز تناول موضوع الأسلحة الكيميائية بخفة، أو استخدامه كورقة للمتاجرة والتربح السياسي اليومي. هذا الأمر غير مقبول.
بل إن التطرق إلى استخدام هذه الأسلحة يتطلب وجود أدلة قاطعة لا تقبل اللبس. وفي حال وجود شبهات، يجب أن تقتصر الدعوة على المطالبة بتحقيق محايد وشفاف من قبل هيئة موثوقة ومحايدة ثبتت مصداقيتها حتي لا ندخل في متاهات أن يكون الخصم هو الحكم أو أن يكون الحكم داخل جزلان الخصم.
أما تناول موضوع الأسلحة الكيميائية بخفة وكأنه اتهام عادي غير مشع ، فإما أن يكون نسخةً متذاكية من “دليل الرجل الذكي لتأليب التدخل الخارجي”، أو أنه شتارة وهراء سياسي لا يثير إلا الحيرة في زمن السطحية القاتلة بشقيها الحقيقي والمفتعل.
معتصم اقرع






