للسيف والنار فى فاشر السلطان

كنتُ أظُنُّ أن سلاطين باشا الضابط النمساوي النشأة، الاستعماري النزعة،السئ السمعة، الاستعماري الصنعة، قد غالىٰ كثيراً وهو يصف حكم الخليفة عبد الله الذى ينسب إليه كل بدعة، ويتهمه بالولوغ في الشهوات والمتعة، وارتكاب المجازر البشعة، وقد روىٰ ذلك في كتابه الموسوم (السيف والنار في السودان) الذى اقتنيته لأربع مرات كانت الأولىٰ منذ عهد الشباب وفقدته بسبب اعارته لصديق، وتكرر معي ذلك لأنني لم أستمع لنصيحة القائل:-
-ألا يامستعر مني كتابي،، فإن اعارتي للكتب عارُ .
فمحبوبي من الدنيا كتابي،،
فهل أبصرت محبوباً يُعار !! .
وقد أتحفني بنسخة خاصة الشاب النابه مازن الفاتح درونكي.
لكن ظنوني في كذب وغلواء سلاطين قد تبددت فهو عندما يصف (جنجويد التعايشى) في ذلك العهد غير البعيد وتوحشهم وظلمهم وتعطشهم لسفك الدماء، وذلك لم يكن حسب قول سلاطين لايمانهم بصدق ادعاء المهدية بقدر ماهي رغبتهم الجامحة فى الحصول على الغنائم والاستيلاء على أراضي ضفاف النيل، وسبي نساءه واغتصاب بناته واستعباد أهله في فلاحة الأراضي، أو صناعة الطعام لصالح المستوطنين الجدد. يساعدهم فى ذلك جور الخليفة عبد الله، وظلمه الفادح، وقد نَصَّ عليه: (بأنه هوىٰ بالأمة السودانية إلى حالة مُكربة مؤلمة لانستطيع وصفها وقد ضعف فيها المستويان الرئيسان لبقاء الأمم،وهما الأخلاقي والديني) لايذهب وصف سلاطين بعيداً عن مايجري فى بلادنا اليوم فإننا نجد تطابقاً كاملاَ بين جهدية آل دقلو وجنجويد التعايشى !! لا فرق.
ومثل نُصرة الدين عند الجهدية نجد القضية المزعومة عند المليشيا هي تفكيك دولة 56.
وبطبيعة الحال فالواقع المعاش يرينا كيف لم يسلم أهل دارفور من بطش أولئك الأوباش في عهد التعايشي أو في عهد المليشي، فها هي فاشر السلطان التى قاومت وتقاوم مئات الهجمات، ومن أشرسها وأشنعها وأخزاها جريمة الهجوم على المسجد المكتظ بالمصلين وهم يؤدون صلاة الفجر.
ما تعجز الكلمات عن وصفه، الشئ الذي حدا بالدكتور الهادئ الوقور السيد جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة وزير المالية إلى أن يخرج من هدوئه المعروف ويقول [لن ننتظر يوم القيامة!!] بل سنثأر لشهدائنا فى الدنيا قبل الآخرة، ونجتمع مع خصومنا عند الله يوم القيامة، وهو قول سيتبعه العمل باذن الله.
ولو كان سلاطين باشا الذى حكم دارفور قبل المهدية شاهداً على فظائع الجنجويد لاعتذر للخليفة عبد الله الذى فقدت أعداد السودانيين فى عهده مايصل الى 75% من جملة السكان بسبب الحروب والمجاعة والأمراض، وذات النسبة بل وأكثر تحدثها الآن الحرب التى بدأتها المليشيا، فقتلت ودمرت وهتكت واغتصبت وشردت وأجبرت الملايين على اللجوء والنزوح.
يقول سلاطين فى خاتمة كتابه:كان السودان على مقدار مذكور من المدنية والنهوض فأصبح منكوداً متخبطاً فى طرقات الجهالة والظلم،بعد أن ألقيت مقاليد الحكم فيه إلى قوة همجية وحشية…. ولا يمنعنا مقتنا للمستعمر من أخذ ما صح من أقوال سلاطين فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها.
ويافاشر السلطان لن تضام ولن تسعبد بعد الآن،
ألا إن نصر الله قريب.
محجوب فضل بدري





