رأي ومقالات

مبارك الفاضل وتَكيّة السُحت

في فترة ما كنت معجبا بشخصية مبارك الفاضل المهدي كسياسي ، بما فيه من (براغماتية) ضحلة ومواقف متأرجحة، كنت أرجح أن ما كان يفعله هو من باب (فن الممكن)، لكن بجرد لمواقفه منذ (بليسة) مصنع الشفاء وسعيه المحموم في ذلك الوقت للإيحاء للفاعلين السياسيين بأنه (رجل أمريكا الأول) و (رجل مصر الأول) حتى صار (صبي صلاح قوش الأول) وعين مساعدا للرئيس السابق عمر البشير، وما تلى ذلك من حادثته مع وزير الطاقة الأسبق د. عوض الجاز والذي حسمه في مشادة مشهودة أنتهت بسؤال مبارك الفاضل عن أين تذهب أموال البترول ؟؟ فأجابه عوض الجاز : بنشتري بيها الناس الزيك ديل !!

كان مبارك الفاضل مساعد رئيس الجمهورية يلقب ب (مساعد الياي) في ذلك الوقت ، فقام بفض الشراكة بين حزبه (حزب الأمة – الإصلاح والتجديد) وحزب المؤتمر الوطني في العام 2006 ، وأنتقل لصفوف المعارضة وأعلى من سقف انتقاده وحديثه المضاد عن فساد المؤتمر الوطني وتجاوزاته، حتى دارت الأيام وشكل المؤتمر الوطني حكومة وحدة وطنية تولى فيها مبارك الفاضل وزارة الإستثمار، وبعد سقوط حكم البشير ، عاد مبارك الفاضل لسعيه القديم فتعلق بقشة الثورة وحضر لميدان اعتصام القيادة العامة وقابله المحتجين بما يليق بشخصية هي رمزية فاضحة ل (نظام الفلول) ..

استمر مبارك الفاضل على حاله القديم فلم يقبله نظام الحرية والتغيير ، وقد بذل في سبيل التطهر من (تركة الانقاذ) الكثير من ماء الوجه، فخلع كل ما كان يلبس حتى صار عاريا تماما، وعندما جاء الاتفاق الاطاري كان مبارك الفاضل ممن بادروا بالرغبة (علنا) في التوقيع عليه، فردت الحرية والتغيير (علنا أيضا) بأنهم ضد (إغراق) الإتفاق ..

عندما قامت الحرب كتب مبارك الفاضل مقالات طويلة ضد مليشيا الdعم السريع وإجرامه وصار (جياشيا) أكثر من الجيش نفسه، وقد زايد حتى على الإسلاميين في إدانة المليشيا واستنكار أفعالها، وكان وراء تلك الهوجة (تسريبات) حول رغبة البرهان بتوليته منصب رئيس الوزراء، لكن الرجل عاد لما يتقنه عندما تولى الدكتور كامل ادريس رئاسة الوزراء، حتى انتهى به الأمر مناصرا لخط المليشيا من زاوية تحالف صمود الذي هو الآخر لم يقبل انضمام حزبه الميت، فهو الآن داعم للتسوية وداعم لوقف الحرب بما يحقق توازن القوة لصالح المليشيا، وداعم لحلول الرباعية الجائرة ومتحدثا بإسم دولة العدوان ومتبنيا لرؤيتها تجاه بلاده ..

مبارك الفاضل الذي يكتب إسمه (مبارك المهدي) ويسمي حزبه (حزب الأمة) يسعى لوراثة عائلة الإمام المهدي التي تشظت تركة وريثها (الأصلي) إمام الأنصار الإمام الصادق المهدي بين انتهازية وشطط (بناته) ومواقف (أبنائه) المشرفة مع القوات المسلحة ، هو نفسه مبارك الفاضل الذي يقدم نفسه سياسيا متجاوزا ل(إرث العائلة) وصاحب نفوذ سياسي مستقل وكسب (ضراع)، فمن قبل انفض من حوله قادة خرجوا معه من حزب الأمة القومي وكل منهم أنشأ حزبا منفصلا (الزهاوي ابراهيم مالك، بابكر دقنة، عبد الله مسار، أحمد بابكر نهار وآخرين) لكنه استمر في لعب دور الرجل الواحد في مسرح حزب متصحر يعيش الجميع فيه دور (الكومبارس)، اما ولاءاً أعمى ل (مبارك ود المهدي) أو إدمانا ل (تكية السُحت) التي يقف بوابا عليها (مبارك الفاضل) ..

فمسيرة مبارك الفاضل السياسية تجعل كل مراقب يتوقع منه أي موقف، حسب ما تقرره (الظروف) السياسية واللا سياسية ، وما دامت دولة العدوان قد تولت كفالته فلا أعتقد أنه يوجد في الساحة صاحب (جزلان) أكبر منها ، لذلك أعتقد أن هذه هي خاتمة حياته السياسية ، ولا أعتقد أن من لا كرامة له يمكن أن يدعم معركة الكرامة ..
قوموا إلى مواقف الرجال يرحمكم الله ..

يوسف عمارة
يوسف عمارة أبوسن