رأي ومقالات

على القيادة أن تستفيد من حالة الدفع الشعبي الملتف حول الدولة

على القيادة أن تستفيد من حالة الدفع الشعبي الملتف حول الدولة، والمتمثل في ظهور شرائح جديدة من الشباب والسياسيين وناشطين كانوا على مدى طويل خارج دائرة التفاعل مع الشأن السوداني، أو يمكن أن يقال عنهم عازفين عن الانخراط في أي فعل، إما بحكم خوفهم من السلطة وارتباطاتها بدوائر معينة قد لا تتوافق مع قناعاتهم أو اهتماماتهم، أو بسبب التكلفة التي يمكن أن يخلقها أي تقارب مع السلطة”على الأقل في عهد البشير ” فالتكلفة كانت عالية ودوائر التأثير والتنميط كانت فعالة في منع هذه الشرائح من الانخراط في القضايا الحقيقية المتعلقة بالسيادة والأمن القومي والاستقلالية والمصالح الوطنية..

صحيح أن تجربة المعارضة خلقت خطابا سياسياً مرتبط بالأزمة، وحولت كثير من الفاعلين السياسيين والفنانين والمثقفين إلى مرددين لخطابات الأزمة في بعدها المعارض للإنقاذ، فصار النضال غاية بلا أفق ولا وعي بطبيعته ونتائجه. وأنا هنا لا ألوم هذه المجموعات، لفهمي للسياق الذي نشأ فيه خطاب الأزمة، وهو سياق مبرر بظروفه، لعبت فيه أطراف كثيرة داخلية وخارجية في جعله خطاب معارض بلا مضامين وطنية..

هذا لا يعني أنه لم تكن هناك مضامين ثورية ومبررات خطابية وظروف موضوعية، ولكن كان الحيز الأكبر عند المعارضة هو خطاب المعاداة للنظام، وليس طرح الأسئلة المتعلقة بالدولة وتحدياتها والأطراف الخارجية التي تؤثر في قرارها وسيادتها. لذلك عندما سقط البشير وغاب خطاب الأزمة، استطاعت هذه الجهات الخارجية احتواء بعض الأحزاب السياسية وتوجيهها لتكون واحدة من أدواتها الرمادية لإضعاف السودان والسيطرة عليه واستتباعه لصالح مصالحها ورؤيتها للمنطقة..

الآن وبعد وضوح المواقف والتحالفات وعودة الأسئلة المتعلقة بالسيادة والاستقلالية، وظهور هذا التيار الكبير من الرافضين للإمارات والتدخلات الخارجية والإملاءات الإقليمية والجرائم الممنهجة التي يقوم بها الجنجويد، يجب أن تستثمر الدولة في هذا المد وتوظفه وتنظمه لصالح بناء مقدراتها الداخلية وعناصرها البشرية. عليها أن تدفع في جمع كل المؤثرين والفاعلين داخلياً وتوجيههم نحو الدفاع عن مصالح السودان واستقراره..

تحتاج القيادة إلى المساهمة في بناء تحالف ضخم يوظف هذه الطاقات من مثقفين وسياسيين وفنانين وموسيقيين وأكاديميين، تحالف يكون سد منيع أمام المؤامرات الخارجية، تحالف شامل يجمع كل الفاعلين والمؤثرين كل في مجاله، ليخدموا رواية الدولة وسرديتها ويحصنوها من أي اختلالات يمكن أن تصيبها..

لا يجب الاعتماد فقط على الأحزاب الموجودة حالياً في بورتسودان، بل يجب توسيع القاعدة وفتح المجال لهذه الكتلة الكبيرة لتكون صاحبة رأي وقرار في المرحلة المقبلة، عبر إعطائها فرصة من خلال تكوين مجالس تشريعية وضمها للجان السياسية الإعلامية، وأخذ رأيها في الملفات الخارجية والقضايا القانونية..

ولو كنت صاحب قرار لجمعت كل الفاعلين في معركة الدفاع عن السودان، ولعقدت معهم نقاشات مطولة كل شهر، ولاستفدت من آرائهم في معالجة الخلل الذي يواجه الدولة، فما قدموه بصورة فردية يفوق ما قدمته أحزاب متواجدة في بورتسودان بصورة جماعية.
حسبو البيلي
#الامارات_تقتل_السودانيين
#الدعم_السريع_مليشيا_ارهابية