التحذير المكتوب فى حديقة الحيوان أيام زمان كان موجهاً للزُوَّار وهو عبارة (لاتطعم هذا الحيوان) !! ولما لم تعُد هناك حديقة ولا حيوانات!! حوَّرنا العبارة إلى عنوان المقال أعلاه لذا لزم التنويه، فالى المقال..
قال لي صديقي الذي يكبرني بعقدٍ من الزمان، وهو رجل بسيط لكنه واسع الثقافة ويتمتع بقدرة فائقة على قراءة كل ما تقع عليه عَيْنُه بتبصرٍ وتدبُّرٍ، وهو قارئ نَهِم كثير التأمل في ما يجري حوله من حالات من محيطه الصغير إلى كل العالم، قال لي بعدما رأى مقطع الشائب العائب وهو يحتفل مع بعض النسوة فرحاً بمأساة الفاشر، ورأى مقطعاً لخالد سلك في لقاءٍ تلفزيوني وهو يحاول أن يُجيب على سؤال بسيط جداً، ماذا عن دقلو؟ فاذا به يأتِ بحشرجات غريبة مُنكرة، لم يسبقه عليها أي تلميذ راسب في حفظ ترتيب ألف باء تاء ثاء !! .
وقرأ صديقي تعليقاً آخر على مقطعٍ آخر من اِنتاج القحاطة في دعم مليشيا عيال دقلو الأِرهابية، يقول صاحب التعليق (بالله شوفوا الحيوان ده!!) فقال لي صديقى مستنكراً بهدوء:(دحين ما عصرتوا على الحيوانات)!!
وأردف بالقول وهو الرجل القليل الكلام، خذ مثلاً من الحيوانات:- -الجواد هو حيوان نبيل لا يألف التزاوج من أمه، ذلك غير جماله وفوائده الجمَّة.
-الحمار حيوان أليف صبور يتحمل منَّا الأذى ويحمل عنَّا الأثقال.
-الأسد حيوان كاسر لكنه لايصطاد إلا مايحتاج إليه من الطعام فهو لا يقتل من أجل القتل.
-الغزلان والظِباء وغيرها من الطرائد حيوانات تمتاز بالجمال والخفة والرشاقة، لا تعرف العنف ولا العدوان .
-الإبل والماشية الغنم وغيرها من الأنعام، هي أموالنا التي نصرف منها ونأكل من لحومها ونشرب من ألبانها ولنا فيها جَمَال.
-الطيور من كل شكلٍ ولون تملأ حياتنا بالبهجة والجمال،أمَّا الداجنة منها فتمُدنا بأشهىٰ أنواع الطعام.
-الكلب حيوان شيمته الوفاء.
-الفئران والقوارض تستفيد منها معامل الأبحاث الطبية ومعها الضفادع والأرانب .
-النحلة وهى من الحشرات وفوائدها أكبر من أن تُحصى .
-وواصل فى حديثه الهادئ: ما من شئ من خلق الله إلا وله علينا وعلى الكون بِأسْرِهِ فوائدَ كثيرة، فلم يخلق الله سبحانه وتعالى كل هذه المخلوقات عبثاً .
-وفى فهمى البسيط -يقول الرجل- أن تشبيه كل هؤلاء العاهات بالحيوانات فيه ظلم فادح لها مع أن المولى سبحانه وتعالى كَرَّم بنى آدم على سائر مخلوقاته وسَخَّر لهم مافي البر والبحر، وأسبغ علينا نِعَمَهُ ظاهرةً وباطنةً، لكي نشكره وحده الخالق الرازق المتفضل ولا نُشرك به شيئاً، فاذا ما حاد الانسان عن عبادة الخالق وأشرك به غيره من المخلوقات فهو يَتَردَّىٰ إلى حالة هي أدنى من أحقر من أي نوع من الحيوانات، لأنه ما من شئ فى الكون اِلَّا يُسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم.
لم يذكر الرجل اسم حميدتي ولا أبواق مليشاته، ولم يذكر قحط ولا عاهاتها ولكنه تحدث بما أوْرَدْتُهُ في الأسطر السابقة، وأنا أُشاهد في مخيلتي شريطاً من صور شياطين الأنس من أتباع كبيرهم الدمباري وأخيه طاحونة وتابعه أبو لولو وياجوج وماجوج وقجة وبقجة وقبة وشارون والسافنا وجلحة وبلحة وأسماء قبيحة عديدة…
ومن أبواقهم الربيع أو أبو الرقيع، وطبيق وسندالة الكنداكة، وعمران أو غمران وبقال أو عولاق،،
ومن عاهات قحط نُقُد وسِلِك أو خالد سَفَّة ومنقة وأم نخرة أو أم قرون والجبوري وزاد وجدي!!
وتراءت صور الشياطين في ذهني فما وجدتُ منهم من يرقىٰ إلى مستوى الحيوانات الأليفة أو تلك البرَّيَّة، العاشبة منها أو اللَّاحمة، ولا الطيور المُغَرِّدة منها أو الجارحة، ولا حتى الحشرات المفيدة منها أوالضارَّة، وبما أنه مامن أحد شاهد الشياطين أِلا في الصور المُتَخَيَّلة للرسامين في الصحف أو المجلات أو الأفلام فقد قَرَّ في روعي براءة كل تلك المخلوقات من حيوان أو طير أو حشرات من أن يُشَبَّه بها هذه الوجوه الشائهة الذين ننظر إليهم من لقطات الشاشة أو نراهم رأى العين فى الواقع المعاش، ممن يحملون أسماءً ما أنزل الله بها من سلطان، وهم يحملون أوزارهم ومن أوزار الذين يتبعونهم بعلمٍ أو بغير علم، ألا ساء ما يَزِرُون ففي رقابهم دماء كل من قتل بغياً وظلماً بغير حق .
جاء في تفسير قوله تعالى ﴿إِنَّاۤ أَنذَرۡنَـٰكُمۡ عَذَابࣰا قَرِیبࣰا یَوۡمَ یَنظُرُ ٱلۡمَرۡءُ مَا قَدَّمَتۡ یَدَاهُ وَیَقُولُ الكافر ياليتني كنت تراباً}
قال: ” إذا كان يوم القيامة، مُدّ الأديم، وحُشِر الدوابّ والبهائم والوحش، ثم يحصل القصاص بين الدوابّ، يقتصّ للشاة الجَمَّاء من الشاة القرناء نطحتها فإذا فرغ من القصاص بين الدوابّ، قال لها: كوني تراباً، قال: فعند ذلك يقول الكافر: يا ليتني كنت تراباً ” آه
فيوم القيامة نجد المجرم يتمنى أن يكون مثل البهائم، فلا يُستجاب له. عُدتُ وقد عقلتُ كلام صديقي فإننا إن شبهناهم بالحيوانات فكأنما نوجد لهم منفذاً من عذاب الله يوم القيامة، وعلم كلِّ ذلك عند الله تعالى .
من فضلكم لاتظلموا هذا الحيوان أي لا تشبهوا مليشيا عيال دقلو الاجرامية ولا القحاطة العملاء بالحيوانات، ليس لأن نبينا الكريم قد بشرنا بالأجر عندما قال صلَّ الله عليه وسلم بأن في كل كبدٍ رطبٍ أجر. فحسب، ولا اتباعاً لسنن جمعيات الرفق بالحيوان ولكن حتى لا تظلموا الحيوانات .
محجوب فضل بدري
