كانت في فترة جميلة بين انحسار عصر “الاسكراتشات” وقبل انتشار التطبيقات البنكية ممكن نسميها: “حقبة تحويل الرصيد”. اها تحويل الرصيد كان عصب الحياة.. وحكاية إنه زول حوّل رصيد غلط أو جاهو رصيد بالغلط بتتحول لاهتمام وقصة كدا؛ ناس بيته بعرفوا، أهله في البلد بعرفوا، أصحابه، ناس الحلة.. إلخ. غير إنه الحياة كانت رخيّة نسبيًّا والناس بتمسك زمن بنوع القصص الميتة دي، كانوا السودانيين بمارسوا هوايتهم المحبّبة في تضخيم الحدث أو تحجيمه.. أو الواحد منهم يسمع قصتك عشان يستمتع بحكاية قصة أو حدث مشابه حصل مع نسيبه أو ود عمته. المهم عادةً الغلط في العملية بكون يا إنه الزول ملّى الرقم غلط -ودي نادرة أو إحتمالية فرص وقوعها تؤول للصفر إلا في الغالب إذا الزول ح يحوّل لرقم آخر غير رقمه الشخصي-، يا بتاع تحويل الرصيد قلب ليه رقمين بالخطأ. أو الرقم اتملّى صح والزول كتبه صح فعلًا لكن حصلت المشكلة بسبب إنّه البحوّل سمع غلط؛ يعني سُبعُمِيّة وسبعتاشر سمعها: سُبعُمِيّة وتلتشار. الغلط هنا على أساس الخطأ السماعي، وعادةً الزول الشغال تحويل رصيّد بتكون أضانه كويسة لكن المشكلة بتكون من الزبون؛ بتكلم سريع، أو عنده خلل في النطق زي مخارج الحروف عنده ما واضحة وكدا.
اها.. من كم يوم حسيت إنه خالد سلك ممكن يكون أنجض واحد يحول رصيد في العاصمة. اتخيل حينجح بسبب إنه التون بتاعة صوته فيها سمة ترددات تحذيرية أو تنبيهية عالية/ Alert tone frequency. اللهي عادةً أصوات واضحة للأذن البشرية -زي صوت صافرات الإنذار-، وبتكون الأذن قادرة تسمعها وتميّزها حتى في محيط ضوضاء. بعدين حيكون بين الرقم والرقم بديك أصواته العجيبة ديك؛ مثلًا جيته الكشك قلت ليه: حول لي رصيد ب 25. ح يقول ليك: ب 25 اءؤؤ 25 ااء ءء؟ ح تقول ليه: آي.
كدا المبلغ اتعمل عليه تأكيد اوتوماتكلي.
ح تبدا تمليه الرقم: زيرو تسعة.. مية سبعة وأربعين.. خمسين.. تلاتين.. تمنية
ح يبدأ يشتغل معاك بالتأكيد الآلي وهو بسجل معاك أي رقم بإختلاف خاناته: زيرو تسعة.. مية اءءءه.. سعبة وأربعين اءءء.. خمسين ءءئه / خمسين اهءءء.. تلاتين اءء.. تمنية اء اء ئئهءء!
واحدة من أسباب مأزقنا الحقيقي إنّه الناس ما بتمشي أماكنها الصح بحسب ملكاتها ومدى مقدراتها وجدارتها؛ يعني سلك المفروض يكون بحول رصيد ووبيع شرائح مميزة
أو أي شغلة فيها لعلعة واءه اءه اه جاء وزير علينا، واسي بتكلّم بصفته ممثل للشعب السوداني، وشايف إنّه عنده الثقة الكافية إنه يبّت في مصيرنا وبالتعاون مع الأعداء هه! لا وفوق دا كله أكبر كذّاب؛ أمه الفي البيت عارفاه كذّاب، لكن لأ لازم يصر على الكذب بصورة مرضية. وطبعا ماف إهانة نتعرّض ليها أوسع من دي من الله خلق السودان؛ إنه يكون في مساحة لسلك وأشباهو في المجال العام.
محمد أحمد عبد السلام
