رأي ومقالات

خالد سلك يفقد ثباته الانفعالي وينفعل ويقول: نحن كلنا كم نفر !

في إحدي زياراتي للسودان ايام الانتقالية اتفقت مع خالد سلك لزيارته في مكتبه بدار المؤتمر السوداني وكان اللقاء ده تحديدا في الفترة ما بين حل حكومة حمدوك الاولي وقبل تعيين حكومة حمدوك الثانية ، وكان عندي كثير من الامتعاض والنقد لي اداء حكومة حمدوك الاولي والحرية والتغيير وبالذات في ملف السلام والاقتصاد وتغول المجلس العسكري وتحديدا حميدتي لي اللجان دي وكثيرا من الاشياء الاخري وتأخر مسار العدالة الانتقالية وغيرها ، وكان خالد كعادته يبرر وينافح عن كل ما أثرته ولكن في ملف السلام اعترف انهم كالحرية والتغيير أخطأوا بعدم العمل بفعالية في هذا الملف وانهم اعطو مساحة اكثر من اللازم لحمدوك والذي بدوره أعطاها لحميدتي وهكذا ، ووقتها اسر لي خالد انه سيدخل التشكيلة الوزارية الجديدة وسرد مببراتهم لذلك والتي وان اختلفت معه عليها إلا انها كانت ذات وجاهة ، اما النقطة التي لاول مرة بعد سقوط البشير احسست فيها بان القوي المدنية الحديثة والطائفية لم تكن عندها جهوزية لاي مرحلة انتخابية قريبة عندما اثرت معه نقطة وانه وبعد مرور قرابة العام ونصف لم الحظ اي حراك للأحزاب السياسية جمعاء في الولايات المختلفة خارج الخرطوم من ناحية ندوات ومؤتمرات ولقاءات سياسية مع المواطنيين للتجهيز لانتخابات بعد الانتقالية ففي جوابه علي هذه النقطة تحديدا فقد وقتها خالد ثباته الانفعالي معي وانفعل وقال لي في معناها نحن كلنا كم نفر !!!! وان جهدهم مشغول بانجاح الحكومة وتفكيك الكيزان وكثير من التبربرات ورغم مرافعتي ان تنزيل الخطاب السياسي علي مستوي القواعد والجماهير في الولايات والمحليات وان هذه الثورة منهم ولهم وان تمليك ادوات الديمقراطية للشعب هي باهمية بمكان ببقية الجهود الاخري الا انو ردود خالد انحصرت في عدم وجود الكوادر الكافية ولعمري هذا سبب اكبر للتركيز علي القواعد !!..فخرجت وقتها من تلكم الزيارة وذلكم اللقاء وفي الحلق غُصة بان قيادات الحرية والتغيير وقتها قد وصلت لقناعة ان صندوق الانتخابات في المستقبل القريب لن يوصلها الي السلطة وأنّ استراتيجيتهم تحولت الي تطويل الفترة الانتقالية الي اطول فترة ممكنة كأسهل طريق ليحكموا مباشرة من غير انتخاب ويقوموا بتفكيك دولة الكيزان واستبدالها بتمكين حزبي جديد تحت الغطاء الثوري ظاهريا وغطاء حزبي داخليا …هذا التحول الاستراتيجي للحرية والتغيير من الاعتماد علي الثورة والشعب للوصول الي الدولة المدنية الي الاعتماد علي ذات الشوكة ( داخليا بتحالف مع الدعم السريع لاخقا و خارجيا مع مكونات اقليمية ودولية ) للبقاء في السلطة هو الذي جعل تحالفها مع الدعم السريع ممكنا من قبل الحرب وبعده وأصبح الانفكاك منه الان مستحيل حتي ولو ارادو الان لان ال دقلو يملكون من الوثائق ما يحرقون به اي سياسي تحالف معهم في الخفاء وتحول ضدهم الان ..
حرب الامارات ضد السودان هذه لم تتسبب فقط في تدمير الدولة السودانية وابادة كثير من مكونات الشعب السوداني وتهجير الملايين ولكن عرّت وكشفت للشعب السوداني ان مشكلته ليست فقط في الكيزان بل ان جميع الاحزاب السياسية السودانية لا تقل ميكافيلية عن الكيزان وان هولاء الذين يدعون بانهم دعاة الديمقراطية لا يمارسونها في احزابهم وحسب بل لا يتوقون اليها ان وصلوا الي السلطة بغيرها حتي ولو صلوها علي ظهور الجنجويد .

Mohamed Nogud