تحولات آلية دعاية تبرير الغزو

تحولات آلية دعاية تبرير الغزو:
انتبهوا جيدًا. لقد غيّرت الدعاية تكتيكاتها بمهارة. في البداية، اعتمدت على الإنكار التام للتدخل الأجنبي. أما الآن، فقد تحولت إلى نهج أكثر خبثًا يتمثل في التأكيد على أن جذور الحرب داخلية مع التقليل الضمني لأهمية الدور الحاسم والمدمر للقوى الخارجية.

لكن هذا الهراء أسوأ من الكذب، لأن وجود تناقضات داخلية متفجرة لا يبرر التدخل المكثف للقوى الأجنبية، ولا يجعله أخلاقيًا أو شرعيًا أو مقبولًا.

نعم،توجد تناقضات داخلية – كما هو الحال في أي مجتمع. لكن استخدامها كخلفية سردية يُعدّ خيانة منطقية وأخلاقية عميقة تخلط التفسير بالتبرير: الوجود المسبق لوضع قابل للانفجار لا يبرر إشعاله؛ ولا يمنح أي قوة أجنبية حق أن تُصبّ الزيت على النار لمصلحتها الخاصة.
إبراز الجذر الداخلي بهدف إخفاء التدخل الخارجي تأطير خبيث يحول اللوم الرئيسي إلي الضحية ، مما يجعل التدخل الأجنبي يبدو كرد فعل ثانوي يكاد أن يكون حتميًا، بدلًا من كونه فعل عدوان. هكذا يُعاد تعريف الغازي من معتد إلي صائد في الماء العكر ما يُضعف الغضب منه ويقلل من مسؤوليته الأخلاقية.

لذلك، في هذه المرحلة، فإن أي تحليل للصراع مع تعمد التقليل من أهمية العامل الخارجي أو إخفائه لا يكون محايدًا بل يفهم كتوفير لغطاء فكري للتدخل. إن إخفاء مُشعل الحريق كليا أو نسبيا مع تقديم تقرير جنائي دقيق ليس موضوعية، بل هو في الواقع تواطؤ بالتستر علي الجاني أو تبرير فعله أو التقليل من فداحته.

كل فرد أو جماعة أو حزب لا يُولي العامل الأجنبي الاهتمام التحليلي الذي يستحقه، إنما يدعم هذا التدخل عمليًا بإخفائه.

معتصم اقرع

Exit mobile version