قال الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول:
“A state without an army is a morsel ready to be swallowed.”
أي «الدولة التي بلا جيش تصبح لقمة سائغة تُبتلعها القوى الأخرى».
جملة قصيرة لكنها تحمل في طياتها خلاصة التاريخ البشري: فالدول لا تبقى بالكلام الجميل ولا بالنوايا الحسنة، بل بالقوة المنظمة التي تحمي حدودها، وتصون كرامتها، وتدافع عن وجودها في أصعب اللحظات.
غدًا، السبت 13 ديسمبر 2025، يقف شعبنا السوداني على أعتاب يومٍ مختلف، يوم نجدد فيه وقوفنا خلف جيشنا، خلف القوات المسلحة التي حملت راية الوطن على مر العقود في أصعب الظروف. ليس مجرد احتفال رسمي أو مناسبة عابرة، بل لحظة نؤكد فيها أننا شعب واحد، وأن الخلافات السياسية – مهما كبرت – يجب أن تتوقف عندما يتعلق الأمر بحماية الدولة نفسها والحفاظ على سيادتها.
هذا الاصطفاف الوطني ليس تجمعًا جماهيريًا أو هتافات حماسية، بل موقف أعمق: إيمان بأن الجيش هو الدرع الذي يحمي الجميع، وأن الفرقة في مثل هذه اللحظات لا تضر طرفًا دون آخر، بل تهدد الوطن بأسره. وهو أيضًا رسالة واضحة للعالم بأن السودان ما زال موحدًا، وأن أي محاولة لتمزيقه ستصطدم بإرادة شعب يعرف قيمة وحدته وكرامته.
وفي الأيام الماضية، جاء موقف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي واضحًا وصريحًا خلال حواره مع قناة الجزيرة، إذ قال:
“بدون القوات المسلحة السودانية لن يكون هناك سودان موحد.” كلمات تعكس موقفًا مصريًا ثابتًا، قيادةً وشعبًا، ينطلق من إدراكٍ عميقٍ لأهمية وجود جيش سوداني قوي، ومن قناعة بأن أمن مصر والسودان متلازمان، وأن ما يجري على ضفاف النيل يمس الجميع. هذا التأكيد يأتي كتقدير للجيش السوداني ودوره في حماية الدولة، وهو انعكاس لعمق الروابط والمصير المشترك بين الشعبين الشقيقين.
وقد لخّص ابن خلدون هذه الحقيقة قبل قرون حين قال: «الدولة لا تقوم إلا بقوةٍ تدافع عنها وتحمي سلطانها.» فالجيش ليس خصمًا للحكم المدني، بل هو الضمان الوحيد لبقائه واستقراره. وفي كل الدول، تُعد المؤسسات الصلبة (Hard Institutions) – كالجيش والشرطة والقضاء – العمود الفقري الذي يحمل الدولة على كاهله، ويتيح للمؤسسات المدنية والخدمية أن تعمل وتزدهر بأمان.
وفي حالتنا السودانية، يبقى الجيش حجر الأساس. ليس مجرد قوة عسكرية، بل رمز للسيادة، وذاكرة حيّة لتضحيات الأجيال، وملاذنا الأخير حين تضيق السبل. وكما قال ديغول أيضًا:
“A nation without an army has no future.”
أي «الأمة التي بلا جيش لا مستقبل لها».
لذلك، فإن الاصطفاف غدًا خلف القوات المسلحة ليس عملاً عاطفيًا عابرًا، بل تعبيرًا صادقًا عن وعي جماعي بأن الجيش هو خط الدفاع الأول والأخير عن هذا الوطن. وعندما نلتقي – قلوبًا وأجسادًا – في ميادين السودان، سنحتفل حقًا بانتصار الإرادة الوطنية على كل ما يحاول تمزيقنا.
في وحدتنا قوتنا، وفي وقوفنا خلف جيشنا ضمان لبقاء السودان حرًا وكريمًا ومستقرًا.
عميد شرطة (م)
عمر محمد عثمان
