أول من قالها هو المغفور له بإذن الله المشير جعفر نميري، عندما أفشل الشعب انقلاب الحزب الشيوعي الذي قاده الرائد هاشم العطا في يوليو 1971 على ثورة مايو 1969، وعاش انقلاب العطا 72 ساعة قبل أن يجهضه ضُبَّاط الصف من سلاح المدرعات، وانتفض الشعب رافضاً الشعارات الشيوعية التي ملأت بألويتها الحمراء شوارع الخرطوم وهم يرددون سايرين سايرين في طريق لينين، فجاءهم الرد الصاعق من جماهير الشعب السودانى عايد عايد يانميري، الذي لم يتأخر فى البطش بالشيوعيين ويقطع دابر المتآمرين على بلادنا وعقيدتنا ولم ينس نميري أن يشكر الناس فقال قولته المشهورة “شكراً شعبي” وسارت بقوله هذا الركبان، مابين مستهزئ ومؤيد، فكانت “شكراً شعبي” أيقونة الشارع، وهي عبارة لم تكن عابرة بل أوقدت شعلة الحماس في الجماهير وأخرست من يتاجرون بدماء الشعب مقابل دراهم معدودة أو عقيدة فاسدة لم تصمد في وجه التيار العريض الموافق للفطرة والوجدان السليم، وقد قال بها بعد عقود طويلة رئيس مجلس السيادة الانتقالى القائد العام لقوات الشعب المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان.
يوم الاصطفاف الشعبي الذي انتظم سائر مدن وقرى بلادنا لإعلان مساندته لجيشنا، ليس لمجرد التظاهر ولكن لتأكيد المؤكد في أن شعار [شعبٌ واحد جيشٌ واحد] لم يكن يوماً من فراغ بل هو راكز في وجدان الشعب، وغرَّد القائد العام البرهان على حسابه بقوله [شكراً للشعب السودانى] ولم يزد على ذلك إلا بضع كلمات عن الواجب الذى يقوم به الجيش المُفَوَّض من الشعب بأن يدحر المليشيا الإرهابية المجرمة، وأن يدير الفترة الانتقالية، وأن لا يفاوِض كائناً مَن كان قبل اِنهاء هذا الواجب المقدس، فضرب بتلك العبارة الموجزة أكثر من عصفورٍ بحجرٍ واحد. شكراً شعبنا، شكراً جيشنا، والحمد والشكر لله من قبل ومن بعد.
وفي الوقت الذي كانت فيه كل جماهير الشعب السوداني في سائر أنحاء بلادنا [اِلَّا المناطق التي يسيطر عليها الجنجويد وأذيالهم]!! تصطف خلف جيشنا، كان الجنجويد ينهبون سوق عاصمتهم [نيالا] البحير، ويعيثون في أرضها فساداً، وأعضاء حكومة تسويس يلوذون بالفرار من مقارهم ويتركون [شعبهم]!! نهباً لعصابات عيال دقلو ولا تجد غرفهم الإعلامية غير محاولة بائسة باِشاعة مقتل كبير المجرمين المدعو عبدالرحيم في لعبة مكشوفة لم تجد أذناً صاغية!!
ذلك لأن استشهاد أصغر مستنفر لهو أهمّ وأعظم من هلاك حميدتي أو عبد الرحيم لو كانوا يعلمون!!
قفاز التحدي الذى ألقته جماهير الشعب السوداني في وجه مليشيا عيال دقلو وحكومة تسويس هو هذا الاصطفاف الكبير الشامل لكل بقعة في أرض بلادنا ولسان حاله يقول هؤلاء قومنا فجئنا بمثلهم إذا جمعتنا يا جنجويد المجامع.
ولتأصيل أهمية الاصطفاف جاء في الأثر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في ذى القعدة من السنة السابعة قاصداً مكة، ليعتمر عمرة القضاء، وتحدثت قريش فيما بينها أن محمداً وأصحابه في عسرةٍ وجَهْدٍ وشِدَّة، فاصطفَّ له المشركون عند دار الندوة لينظروا إليه وإلى أصحابه، فلما دخل رسول الله صلَّ الله عليه وسلم المسجد اضطبع بردائه، أي أظهر ذراعه، ثم قال:[رحم الله امرأً أراهم اليوم من نفسه قوة] ثم استلم الركن وخرج يهرول هو وأصحابه،صلَّ الله عليه وسلم.
وكذلك كان حال جماهير الشعب السوداني في يوم الاصطفاف الذي رأى فيه العدو منهم قوة عضلات تِبِش فاستحقوا عبارة نميري التي قال البرهان مثلها .. شكراً شعبي.
محجوب فضل بدري
