الطاهر ساتي

لمن ينهضون بالزراعة …«1»

[ALIGN=JUSTIFY]* تلفاز البلد يحتفي بالنهضة الزراعية … لاتسئ الفهم سيدي القارئ … النهضة الزراعية التي يحتفي بها التلفاز هي نهضة فى مرحلة الحلم ولم تعد واقعاً في حياة الناس ، والتلفاز يحتفي بهذا الحلم .. ليس هناك مايمنع التلفاز – أو غيره – من حق الاحتفاء والتبشير بهذا الحلم حتى يصبح حقيقة..ولكن الغناء للحلم لايكفي ، وكذلك لتحقيق هذا الحلم – أو أي حلم – يجب البحث عن الوسائل التي يمكن بها تحقيقه .. نحن نحلم كثيرا ، وكثيرا ما نغني لأحلامنا بمختلف لهجاتنا ولغاتنا، ولكن حين تشرق علينا شمس الحقيقة نكتشف بأننا كنا بلهاء ليس أكثر ولا أقل ، والأبله هو من يهدر وقته في التغني بأحلامه دون أن تحدثه نفسه بمنح بعض الوقت للبحث عن الوسائل التى بها تتحقق تلك الأحلام ، وهذا يسمى شعبياً بـ « حشاش بي دقنو » .. ومنذ الاستقلال نحن نجيد هذا النوع من « الحش » .. ولكن منذ زمن ليس ببعيدٍ أصبحنا – نفوق العالم أجمع – في التغني للأحلام أكثر من البحث عن الوسائل ، وكان مشروع النفرة الخضراء هو آخر حلم احتفى به التلفاز والإذاعة وكل ذو لسان وشفتين بالدولة والحزب ، وحين انتهى الحفل حصد البلد زيادة في سعر القمح والذرة ثم فجوة غذائية فى بعض الولايات ، بيد أن أموال النفرة الخضراء ضلت طريقها من بنود الزراعة الى بنود آخرى يعلمها الله ثم ولاة أمر الناس في بلدي ، ومع ذلك لم يحاسب أحدهم الآخر ، فلا وقت للمحاسبة ، فالوقت الآن للاحتفاء بحلم آخر يجئ – هذه المرة – تحت مسمى النهضة الزراعية ….كان على الدولة أن تبدأ النهضة الزراعية بمحاسبة الذين أفشلوا النفرة الخضراء .. ولكن ..« نقول شنو ؟.. الله في ..» .. !!
* النهضة الزراعية التي يحتفي بها تلفاز البلد يجب أن تكون قد بدأت هذا الموسم ، كما تقول خطة النهضة .. ولكن التلفاز لو خرج – بكاميرته ومايكرفونه – من مكتبة الأغاني إلى حيث أرض الزرع والزراع لاكتشف هناك كيف بدأت هذه النهضة ، ولعكست لولاة الأمر ثم الرأى العام – بكل صدق – تلك البداية .. ويا لها من بداية .. على سبيل المثال – لا الحصر – صغار المزارعين فى بلدي هم الذين يزرعون وينتجون 60% – أو أكثر – من غذاء أهل البلد في كل أرجاء البلد – بالري الطبيعي والمطري – ولهؤلاء يجب أن ترسل وزارة الزراعة الاتحادية البذور المحسنة – التقاوى – في ميعاد الزرع ، ونحن اليوم في الثلث الأخير من شهر يونيو ، وهذا يعني – للزراع – بأن ميعاد الزرع يجب أن يكون قد حل في مزارعهم واقعاً لا شعاراً في التلفاز.. ولكن تأمل حال مزارعهم ياتلفاز البلد .. مزارعو نهر النيل – ولاية تبعد كيلومترات عن مباني التلفزيون – لم يستلموا غير 19% من التقاوي حتى يوم الخميس الفائت .. مزارعو البحر الأحمر – ولاية فركة كعب من مقر التلفزيون – لم يستلموا غير 34 % من تقاوي الموسم الذي تأخر.. مزارعو ولاية سنار – ولاية فركة كعب من مكتبة أغاني التلفاز – لم يستلموا غير 54 % من تقاوي الموسم الذي تأخر .. هكذا تلك النسب الهزيلة في تلك الولايات التي جئنا بها على سبيل المثال لا الحصر .. زراعها لم يستلموا – حتى يوم الخميس الفائت – تقاوى الموسم الذي تأخر .. كان على التلفاز أن يذهب إليهم ويسألهم عن الآثار السالبة التى تترتب على الحصاد – ومشروع النهضة – في حال تأخر موسم الزرع ، وإن كان الذهاب إليهم مرهقاً كان عليه أن يذهب الى وزارة الزراعة الاتحادية – القريبة دى – ويسأل وزيرها عن الأسباب التي أدت الى تأخير ترحيل وتوزيع تقاوي الموسم الى ولايات البلد ومزارعيها .. ولكن التلفاز لم يفعل هذا ولا ذاك ، رغم أنه إن فعل أمراً كهذا أو ذاك يكشف – لمن يهمهم الأمر – بعض معيقات النهضة الزراعية .. كشف المعيقات يسهل – لمن يهمهم الأمر – معالجتها قبل أن تتفاقم يا خادم الفكي المسمى بالإعلام الرسمي .. !!
* الميزانية لم تكن سبباً في تأخير وصول التقاوي إلى الولايات …. وزارة الزراعة استلمت ميزانية التقاوي – على داير المليم – قبل موسم الخريف .. ولكن مصالح الشركات المناط بها ترحيل التقاوي هى السبب .. وتلك قصة أخرى ، نحكي حقائقها – غداً بإذن الله – لمن يهمهم أمر انجاح مشروع النهضة الزراعية .. بمواجهة الحقائق نهضت الأمم وزراعتها، وليس بأغاني قيقم و اليمني …!!
إليكم – الصحافة -الاحد 22/6/ 2008م،العدد 5391
tahersati@hotmail.com[/ALIGN]