التفتيش الإدراي .. الهرولة إلى الأمصار
قالت الأخبار أن وزارة تنمية الموارد البشرية والعمل، ملتزمة بتوفير كافة المُعينات والآليات التي تسهم في نجاح عمليات التفتيش الإداري والإصلاحي، بمختلف مؤسسات الدولة، هذا التصريح أدلى به وكيل الوزارة الطاهر سليمان إيدام لـ(إس ام سي) وشدد على ضرورة العمل بالشفافية والمؤسسية بغرض تحسين الأداء وإصلاح الخدمة المدنية، بانتهاج مبدأ تدريب العاملين وتأهيلهم بالمؤسسات الحكومية، مؤكد حرصهم على تذليل المعوقات والصعوبات التي تواجه عمل التفتيش الإداري بالمؤسسات والوزارات الحكومية خلال الفترة القادمة.
فلتقل إذن وزارة العمل ما تشاء، لأن الأقوال والتصريحات لن تغير شيئاً، ولم تغير من قبل، ولأن التصريحات للصحافة أقل مشقة من العمل الحقيقي الدؤوب من أجل التغيير، على الأقل من أجل إحداث ثقب في الجدار، فإن العمل وغيرها هي وزارات تعمل بدون (أجنة وشاكوش) لذلك فإن إحداث هذا الثقب مستحيل، لا أحد يستطيع اختراق جدار الخدمة المدنية السميك (وجلدها التخين) بسبب سياسات التمكين التي طالتها عقوداً عددا ولا زالت، لذلك فإنه ينبغي وكيما تضع العمل تصريحاتها في مساقات عملية، أن تطيح أولاً بالموظفين الذين جاءوا إلى تختها متمكين غير مؤهلين، وتأتي بدلاً عنهم بخبراء في التخطيط والعمل والخدمة المدنية، هؤلاء الخبراء سيكونون النواة الحقيقية لإعادة المدنية سيرتها الأولى، ثم بعد ذلك تخفف (العمل) نفسها وترشقها من أعباء الاستوزار الثقيل الذي يتلبسها هي نفسها، فتبدو فرط ترهلها بالوزراء و وكلائهم وكأنها وزارة عمل في الصين الشعبية في عهد ماو تسي تونج.
لا يمكن لمن في رأسه عقل يفكر ويتدبر أن يصدق أن وزارة العمل جادة في تنفيذ ما تصرح به للصحف ليل نهار، لايمكن أن يصدق أنها ستقوم بحملات إدراية تفتيشية في ولايات على رأسها (كبر وايلا والزبير) مثلاً، لأن هؤلاء الولاة على سبيل المثال يبدو أن لهم سلطات (فوق العادة)، وبالتالي فوق (الأتيام) التي سترسلها العمل ومن لف لفها من الوزارات المركزية، إذ أنه لو قدر بالفعل أن تذهب هكذا (أتيام) للتفتيش الإداري، فسوف خالية الذهن لتعود خالية الوفاض، وكأنك يا أبو زيد ما غزيت.
أما تحسين الأداء وإصلاح الخدمة المدنية فهما أمران دونهما خرط القتاد- على الأقل في هذه المرحلة، وبالتالي ليس للعمل (حيل ولا حيلة) تستطيع أن تصلح بهما (الخدمة المدنية) المثقلة بالمتمكنين من (أهل الحل والعقد) و(المؤلفة قلوبهم)، وهؤلاء قوم أصبحوا ذوي بأس شديد، إذ أن هؤلاء ينتظمون الآن في كل الوزارات والمؤسسات على شكل (لوبيز)/ مجموعات ضغط مكرسة لعرقلة أية مسارات إصلاحية.
وبالتالي فإن قرار إصلاح الخدمة المدنية وتفتيشها قراراً سياسياً على الأقل في هذه المرحلة- وحتى هذا القرار السياسي ينبغيي أن يبدأ باصلاح وتفتيش وزارة تنمية الموارد البشرية والعمل أولاَ، ثم – على بركة الله فليهرعوا إلى بقية الأمصار.
[/JUSTIFY]الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي