ها هي زيمبابوي يا سيد جوليار
الحدث الذي سُمح لوكالة أنباء الشرق الأوسط بنقله، بجانب التليفزيون الحكومي الزيمبابوي، منعت شبكات الإعلام التي لا تملكها حكومة موغابي من تغطيته، كان حدثاً بالغ (الحُزن) رغم أنه مناسبة (فرح).
فحفل زفاف ابنة الرئيس الزيمبابوي روبيرت موغابي وفقًا لموقع (نيوزيمبابوي دوت كوم) الإلكتروني، كلف نحو خمسة ملايين دولار أمريكي، هذا غير تكلفة إعادة رصف الطريق المؤدية لمقر الحفل من جانب مجلس المدينة، وبهرجتها بهالات وأطياف وشلالات من الأضواء الملونة (المُقيمة والخاطفة). وكان العريس الطيار (سيمبا تشيكوري) قد دفع العام الماضي 35 ألف دولار أميركي و15 بقرة إلى موغابي طالباً ابنته للزواج.
الحفل الذي حضره رؤساء جنوب أفريقيا، غينيا الاستوائية، وزامبيا، بجانب نحو 5 آلاف ضيف، كان مُترفاً وباذِخاً حد التقزز، ورغم أن متحدث باسم موغابي نفى أن تكون الفعاليات تم تمويلها بأموالٍ تخُصُ الدولة، إلاّ أنّ حال الزيمبابويين بدا لاعناً وساخطاً لما يحدث، خاصة وأن الحفل الُمترف (الدهين)، جاء بُعيد فعالية احتفال الرئيس موغابي بعيد ميلاده التسعين والذي بلغت تكاليفه مليون دولار أميركي وهو ما جعله عُرضة لانتقاد الكثيرين،
زيمباوي (روديسيا) سابقاً، كانت شهدت 1961م انطلاقة أول حركة سياسية نضالية أفريقية اتحاد شعب زيمبابوي الأفريقي (زابو) بقيادة (جوشوا نكومو) الذي رفع شعار المساواة في الحقوق الانتخابية بين السود والمستوطنين البيض سرعات ما حظرت السلطات البريطانية الاستعمارية حركتة التي انشق عنها قياديان كبيران هما (سيشولي وروبرت موغابي) وأسسا حركة (زانو)، لكن سرعان ما ترك موغابي رفيقة وانضم عام 1963 للاتحاد القومي لزيمبابوي الإفريقية بقيادة المحامي (هربرت تشيتيبو) ثم انشق هذا الاتحاد إلى ثلاثة أحزاب تزعم موغابي واحدا منها، في 1964 اعتقلته السلطات البريطانية وقضى في السجن زهاء عشر سنوات إلى أن أطلق سراحة 1974 فتوجه إلى موزمبيق، وتولى بنفسه قيادة التمر (جيش زانو) ثم شكل ميليشيا خاصة به.
هذه الحركات الثورية أجبرت الأقلية البيضاء على الجلوس إلى مفاوضات مع 1979، انتهت بإقرار دستور جديد، أجريت بموجبه انتخابات فاز بها (المجلس القومي لإفريقيا المتحدة) بزعامة (آبل موزوريوا)، إلا أن جبهتي موغابي وجوشوا نكومو لم تعترفا بالنتيجة واستمر القتال، قبل أن تستجيب الحركات لمتصارعة لحوار أخر عام 1980م. وفاز موغابي بانتخابات 4 مارس 1980. ثم مكث على رؤوس الجميع إلى الآن.
الآن تعاني زيمباوي، من الفقر والفساد وغياب الحريات والديكتاورية، بلاد غنية أصبحت مثالاً يضرب في الفساد. وبينما الشعب يموت من الفقر والمرض والجهل، يحتفل الرجل وابنته بأموال الفقراء وينقلون ذلك عبر شاشات التفلزة، إنه نظام حكم قاسٍ، حتى أن مقاربتة بأي نظام آخر أصبح يُعد عاراً، وفي ذلك أشير إلى الكاتب المغربي (يوسف الساكت)، الذي كتب مقالاً في يومية الصباح ينتقد فيه معايير منظمة (مراسلون بلا حدود) التي نددت باعتقال السلطات المغربية لصحفيين منهم علي أنوزلا، والمدون محمد الراجي قائلاً: لا نقول إن المغاربة يرفلون في جنة حرية الصحافة، لكننا لسنا زيمبابوي، يا سيد جوليار، كذلك لسنا فنلندا.
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي