الطاهر ساتي

لمن ينهضون بالزراعة …«2»

[ALIGN=JUSTIFY]** ملخص ماسبق .. لكي يتحقق حلم مشروع النهضة الزراعية يجب أن تسخر الدولة كل مؤسساتها وأجهزتها ذات الصلة بالزراعة في البحث عن المعوقات وتذليلها بقرارات شجاعة ورقابة مسؤولة ، وذلك بتنسيق تام بين السلطة المركزية والسلطات الولائية ، وعدم التنسيق بين هذه السلطات كان سببا رئيسيا في إفشال برنامج النفرة الخضراء ، وكذلك عدم وضع آليات متابعة من قبل السلطة المركزية للسلطات الولائية ، ولهذا تصرفت الولايات في ميزانية النفرة تصرفا غير مسؤول ، وذلك بتحويل تلك الميزانية الي بنود أخرى ..وعلى الحكومة الا تعيد – في النهضة الزراعية – انتاج فشل النفرة الخضراء بعدم دراسة الأخطاء الفادحة التي صاحبتها ، وهى أخطاء مردها أن خطة تلك النفرة كانت – فى جوهرها – برنامجاً سياسياً للحزب الحاكم أكثر من أنها دراسة علمية لتأمين غذاء أهل البلد ..!!
** ذاك ملخص ماسبق .. ثم ختمنا بعدم وصول البذور المحسنة – التقاوى – لصغار المزارعين في الموعد المناسب لهذا الموسم الذي لم يبدأ بعد في بعض ولايات السودان ، وكما نعلم بأن صغار المزارعين هم الفئة التي تمثل أكثر من 60% من مزارعي السودان حسب إفادة احصائيات وزارة الزراعة ، والتأخير في ترحيل وتوزيع التقاوى اليهم قد تسبب في تأخيرهم عن الموسم ، وكما ذكرت الشركات هى التي ساهمت فى هذا التأخير .. لايدري أحد لماذا ظلت الشركة العربية هى التي تحتكر هذا العمل – شراء وتوزيع التقاوى – في السنوات الفائتة ..؟.. المؤسف أن وزارة الزراعة لم تكن تطرح إعلانا ولا تفتح عطاء لتتنافس فيه الشركات ، بل ظلت الشركة العربية هى التي تحتكر ذلك بلا عطاء حتى الموسم قبل الأخير ، واحدى موبقات ذاك الاحتكار هو مايلي .. حيث كانت الشركة توفر « 7800 طن » سنويا ، بتكلفة مقدارها « 40 مليار جنيه » .. فى الموسم الأخير عاد لوزارة الزراعة رشدها وايمانها بقوانين المال العام ولوائح الخدمة المدنية ، حيث طرحت التقاوى في عطاء تنافست فيها ثلاث عشرة شركة ، وأخيرا بقيمة ال « 40 مليار جنيه » ذاتها وفرت الوزارة الاتحادية للولايات « 17500 طن » من التقاوى .. وتأمل – عزيزي القارئ – الرقمين لتكتشف أن الفارق بين الاحتكار والتحرير يقدر ب « 9700 طن » ..علما بأن أسعار التقاوى في مواسم الاحتكار كانت أقل مما هى عليه الأن .. علماً بأن تلك الشركة العربية تمتلك أسهمها وزارة الزراعة الاتحادية ذاتها ثم بعض المؤسسات غير البعيدة عن العباءة الحكومية .. أي ، الحكومة التى ترفض الاحتكار شعاراً هى التى تحتكر حتى …« التقاوى » ..!!
** وذاك نموذج – فقط لاغير – للاحتكار، قصدنا به كشف بعض معوقات الزراعة .. و بالقطاع الزراعي نماذج كثيرة للاحتكار في كل مراحل الزرع التى تبدأ باحتكار التمويل بواسطة مصرف وتنتهى باحتكار الشراء بقيمة يحددها ذات المصرف .. ولن تنهض الزراعة – وكل القطاعات الاقتصادية – في بلادنا مالم تتخلص الحكومة من آفة الاحتكار هذه ، وهى أخطر أنواع الآفات التي تشل حركة الأمم والشعوب وكل أنواع نهضتها بمافيها النهضة الزراعية .. وعلى وزارة المالية أن تتخلص من الشركات التى تمتلك أسهمها الوزارات والمؤسسات الحكومية ان كانت هي جادة في سياسة تحرير الاقتصادي السوداني ، ومن غرائب النهج أن الحكومة تتخلص من مرافق استراتيجية – سودانير واخواتها – بكل سهولة وبلا توجس من مغبة تمليك الأجنبي مثل هذه المرافق ، ثم تعجز ذات الحكومة عن التخلص من الشركات التى تفرخها وزاراتها ومؤسساتها التي تحتكر كل تجارة في أسواق العامة بلا منافس ..و.. المهم ، الاحتكار من معوقات النهضة ،زراعية كانت أو غيرها …وكذلك ..« الرسوم والجبايات » .. !!

إليكم – الصحافة -الاثنين 23/6/ 2008م،العدد 5392
tahersati@hotmail.com[/ALIGN]