جمال علي حسن

سماسرة الاستثمار في السودان


[JUSTIFY]
سماسرة الاستثمار في السودان

أحد الإخوة الخليجيين زار السودان مؤخراً وعاد بانطباع إيجابي جداً مدفوع بحماس كبير للترويج لفرص الاستثمار في السودان بل قال لي إن ما وجده في السودان جعل لديه قناعة بأن الوضع العام في البلد من الممكن أن يكون أفضل مما هو عليه بقليل من الجهد والتنظيم الإداري والتخطيط وفق الإمكانيات المتاحة، وقليل من الإمكانيات المساندة من الخارج وقال إنه مستغرب للكثير من النواقص البسيطة التي بإتمامها يمكن تحقيق (نهضة) كبيرة، طبعا لو قلت (وثبة) سيحيل البعض هذا المقال إلى مسار آخر ويضعون عليه ديباجة المؤتمر الوطني.

ولكن المهم أن هذا الشاب الخليجي عاد من زيارته للخرطوم وبرغم أنه تجول فيها وتعرف على أوضاع كثيرة اجتماعية واقتصادية عامة لكنه عاد مملوءاً بحماس وأمل كبير في سهولة تحقيق السودان لنقلة تخرجه من هذا الضيق ..

وبحماسه هذا قام بطرح فكرة الاستثمار في السودان لأحد رجال الأعمال الخليجيين من أصحاب الإمكانيات الكبيرة والقناعة بالعمل في الدول العربية فكانت المفاجأة ربما الصادمة لهذا الصديق الخليجي حسب ما حكى لي أن رجل الأعمال قال له إنه لا يرغب في الاستثمار في السودان تحديدا ..

لماذا..؟ لأنه سبق وأن كانت له تجربة (بيزنيس) استثماري محدودة أودع فيها مايعادل ثلاثة ملايين ونصف دولار ضاعت كاملة بسبب الوسطاء .. وليس مستعدا لخوض هذه التجربة المريرة مجدداً.

الشاب الخليجي صديقنا ولأنه رجل مثقف ويتمتع بالكثير من الوعي لم يفقد حتى الآن انطباعه الطيب وقد قلت له إن المشكلة أن هذا المستثمر وبالتأكيد قابل الشخص الخطأ أو الأشخاص الخطأ وطبعا أنا أحاول إيجاد تبريرات لما حدث حفاظا على سمعتنا بأن هذه الحالة لا يجب أن نضعها معياراً لتقييم جدوى الاستثمار في السودان لكنها وبالتأكيد حالة مؤسفة ومحزنة ومثيرة للغضب.. لدرجة أنني تمنيت في تلك اللحظة أسوأ مصير لمن قابلوا هذا الرجل ونهبوه و(سفوا قروشو) .

حماية رأس المال المستثمر في السودان هو مسؤولية متصلة على من يقومون بالترويج للاستثمار وأنا على يقين بأن الاستثمار في السودان لو أعادت الحكومة النظر في منظومته الرسمية بعين التطوير والتصحيح والاستفادة من التجارب السابقة كلها ثم أغلقت نوافذ الاستهبال و(كربت) حالها من ناحية التشريعات والقوانين والتفاصيل الصغيرة بحيث تتمكن من توفير ضمانات كاملة بأن يجد المستثمر بيئة استثمارية مهيئة للعمل لا فرصة فيها للسماسرة ومعتادي جرائم الكوميشنات ثم قامت بإعداد عقوداتها تحوي كل هذه التفاصيل ستكون النتيجة إيجابية ولكن المشكلة أن سماسرة الكوميشنات هم الذين يفتحون الباب في مزاد الاستثمار العربي وهم الذين يقومون بطرح المشروعات بالجدوى الحقيقية لها والوهمية أيضا بل الكثير من المستثمرين العرب كان أول من قابلهم هو الوسيط وليست الجهة الرسمية المسؤولة مع أن السودان له سفارات في كل الدول العربية ومن المفترض أن تكون مستيقظة وتقوم هذه السفارات بالتأكيد على المستثمر القادم لها بعدم التعامل مع أي وسيط .

المطلوب أن تعد الوزارة المعنية بالاستثمار (وثيقة عمل ترويجية) تحوي كل التنبيهات والتحذيرات من التعامل مع الوسطاء وليس العكس فمعظم المستثمرين الذين دخلوا البلاد وصلوا عبر وسطاء الكثير منهم في الأصل لصوص يسرقون سمعتنا ويمسحون بها الأرض.

[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي