الرئيسان طه سليمان وسلطان كيجاب
لم يأخذني العجب، إذ أنني (أصوم شعبان ورجب)، من قرار الفنان الشاب طه سليمان بالترشح إلى الانتخابات القادمة لرئاسة الجمهورية، لكنني استغربت تشديده في تصريحات صحفية أنه جاد في قراره وأن رئاسته السودان حق يكفله له الدستور، فبدا لي هذا التشديد، وكأنه يظن أن لا أحد سيصدقه، رغم أنني كنت أول (الصديقين)، وأتمنى أن لا يكون طه آخر شهداء انتخابات الرئاسة، فـ(يلحق) بسلفه السبّاح الشهير (سلطان كيجاب) المُرشح الأسبق للمنصب الرفيع.
وفي هذا المقام الرئاسي السامي، اسمحوا لي استعادة فقرة من حوار كنت أجريته مع المرشح الرئاسي سلطان كيجاب لصالح يومية حكايات 2008م، إذ لاحظت أنه كلما همّ بالإجابة عن أحد أسئلتي ينخرط أولاً في مداعبة حبيبات مسبحاة الكهرمانية، فعنّ لي أن أباغته بالسؤال التالي: أستاذ كيجاب: يبدو أنك تريد الاستعانة بهذه المسبحة في الانتخابات القادمة؟ فرد هذه المرة بسرعة دون تلك المداعبة: يا خي إنتو صحفيين شنو؟ عليك الله حصل شفت ليك انتخابات بخوضوها بسبحة!! فما كان منيّ إلاّ أن أباغته مجدداً، بقولي: برضو ما شُفنا انتخابات بخوضوها بسباحة!
ولأننا لم نر انتخابات رئاسية تُخاض سباحة، فإننا بالتأكد لن نراها تُخاض غناءً، فالفنان (طه سليمان)، لا يملك في جعبته غير الغناء المُجج بالقنابل والأسلحة الرشاشة الخفيفة التي صنعها المرحوم (كلاشينكوف)، لذلك فإن مما لا يتناطح عليه كبشان هو أن احتمال فوزه يبدو كدرجة الحرارة في شتاء سيبيريا.
لكن عنت لي فكرة (شيطانية)، يمكنها أن ترتفع باحتمال فوز (طه) إلى الصفر أو أكثر بقليل، خاصة وأنه حتى الآن لم يطرح برنامجاً ينافس به، لذلك فلا سبيل له إلاّ خيار الانقلاب العسكري، وهو خيار محفوف بالمخاطر ودونه خُرط القتاد، لكن ماذا سيفعل (طه)؟ والطُرق كلها مسدودة أمامه (والبحر وكيجاب خلفه)، غير أن يتسنم الرئاسة انقلاباً عبر أغنيته الشهيرة (قنبلة) وبإسناد مما ورد على متنها من أسلحة أخرى.
لكنني هنا، وبعيداً عن برامج السباحة والغناء الانتخابية التي عمت الساحة السياسية في العقدين الأخيرين، أود الإشارة إلى هذه العينة من المرشحين ليست حصرية على المشهد السياسي السوداني فحسب، فالمشهد المصري يعج بها، ولعل آخر المصريين من هذه الشريحة هو الراحل البدراوي فرحات البدراوي (60 عامًا)، الذي صرّح قبيل وفاته بإنه إذا فاز بالرئاسة سيعفو عن الرئيس الأسبق حسني مبارك بشرط أن يعيد (الفلوس اللي عنده)، وأن أهم ما في برنامجه الانتخابي (أن يحب الشعب بعضه)، وأضاف: وعن المعونة الأمريكية قال: (تغور أمريكا في ستين داهية، مش عايزين منها حاجة). هكذا المرشحين واللاّ بلاش، وسدد الله خطاك التي في دربهم يا طه يا سليمان.
الحصة الأولى – صحيفة اليوم التالي