الطاهر ساتي

لماذا و إلى متى ؟

[JUSTIFY]
لماذا و إلى متى ؟

:: رحم الله الطالب علي موسى أبكر، و آلهم أسرته وأهله ورفاقه الصبر، ونسأله الشفاء لجرحى الأحداث، و (نسأل الله السلام)..ما حدث من قتل- وما يحدث من إعتقال- لطلاب جامعة الخرطوم يختبر المناخ السياسي المعلن عنه قبل أسابيع، والمسمى بالوثبة ويكشف للناس والبلد بكل وضوح بأنه ( لا جديد في الوثبة)، وأن الحال العام كما كان منذ ربع قرن (مكبل بالقيود).. فالحوار السياسي المنشود – مع قوى الداخل وحركات الخارج – بحاجة إلى مناخ سياسي غير هذا الضاج (بالدم والدموع)..وبعد الإتكاءة على أحداث جامعة الخرطوم، ثم التحديق في ضحاياها وتداعياتها، للقوى السياسية حق التوجس من وعود قاعة الصداقة بسؤال من شاكلة : كيف نحاور على الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة من يضيق صدره بمحض ( نشاط طلابي)..؟؟

:: نعم، يجب عدم إختزال الحدث فقط في جامعة الخرطوم وفقيدها المغفور له باذن الله بحديث ساذج من شاكلة ( شكلوا لجنة تحقيق، حاسبوا الجناة)، وغيرها من الأسطوانة المشروخة..فالحدث مؤشر لواقع عام يجب تغييره نحو الأفضل بحيث يعم الحوار والسلام والإستقرار السياسي بالبلاد كلها، وليس بجامعة الخرطوم فقط.. والمدهش، لم يكن هذا النشاط الطلابي المعلن والمقام بجامعة الخرطوم نشاطاً داعماً للحرب ولا داعياً للعنف ولا رافضاً للسلام بحيث تقابله السلطات بقوة الشرطة ورصاصها وهراواتها وغازها المسيل للدموع، بل أقام طلاب دارفور نشاطاً يرفض ما يحدث بدارفور من حرب ونزوح، وكانت الغاية من هذا الحراك الطلابي لفت إنتباه السلطات والمجتمع لتلك المآسي وإيجاد حلول لها..نشاطاً سلمياً كهذا كان يجب أن يحظى بالرعاية والحماية، وليس (الرصاص والبمبان)..!!

:: وصدقاً، ما يحدث بدارفور تجاوز حروب الساسة إلى وضع يقترب نحو الفوضى، وقالتها السلطة الإنتقالية لدارفور ويؤكدها الواقع الذي يجهل فيه المقتول قاتله وأسباب القتل..فالحروب ذات الأجندة السياسية مقدور عليها بالتفاوض، ولكن حين تتجاوز الحروب الأجندة السياسية إلى (أخرى خطيرة)، يصبح الوضع العام كارثياً وخارجاً عن السيطرة ولا يُحمد عقباها، وهذا ما يحذر منه طلاب دارفور وما يجب أن يحذر منه طلاب السودان وأهلهم..فالحكومة هي المسؤولة عن إعادة السلام والإستقرار بمجتمع دارفور وكل السودان، ومن الطبيعي أن يغضب الطالب والمزارع والعامل والموظف وغيرهم حين يحس بالخطر الذي يحيط بأهله وإقليمه و بلده، ومن الطبيعي أن يتحرك سلمياً ليعبر عن غضبه لما يحدث من حرب ونزوح، فلماذا تواجه السلطة التعبير السلمي بالفعل العنيف؟..ألا تكفي كل هذه الحروبات – التي يصطلي بها الوطن والمواطن – عظة ودرساً للعقول بحيث تسعى نحو الحلول التي تساوى كل مكونات المجتمع في (الحقوق والواجبات)..؟؟

:: ثم، حتى لو تم إختزال الحدث في جامعة الخرطوم و فقيدها، أو كما يفعل البعض المصاب بقصر الفهم، نسأل : إلى متى تزج إدارات الجامعات بالشرطة وغيرها من القوات النظامية في المناشط الطلابية؟..وإلى متى يُستباح حرم الجامعات تحت سمع وبصر لوائح الجامعات وقوانينها؟…ومتى ترتقي هذه الإدارات، والحكومة مسؤولة عنها، بحيث توفر المناخ المعافى لمناشط الطلاب بمختلف ألوان طيفهم السياسي – بلا منع أوضرب – حتى يتعلم جيل المستقبل لغة الحوار ويؤمن بالرأي والرأي الآخر، أم أن قدرهم أن يكونوا إمتداداً لجيل تخرج إلى الحياة العامة بروح ( الديكتاتورية).؟.. على كل حال، حافظوا على ماتبقى من الوطن بالإعتراف بحق الآخر بأن يكون شريكاً أصيلاً في صناعة حاضر ومستقبل بلاده، وليس ( تابعاً أو أجيراً).. حقوق الشعوب في أوطناها صارت كما المياه تجري في مسارات العدالة والحرية والديمقراطية والمساواة، وإن لم تجد الحقوق تلك المسارات الطبيعية تتحول إلى سيول تجرف وتقضي على ( الأخضر واليابس)..!!
[/JUSTIFY]

الطاهر ساتي
إليكم – صحيفة السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]