سوزي وإنهاء خدمات الرجال
في أهم تجلياتها تعني العولمة أن كل شيء قابل للبيع، يمكن ان يباع ويشترى، من دون الالتفات الى الاعتبارات الأخلاقية والدينية والاجتماعية، وحتى الطبية، ومن ثم فان إعلان السيدة سوزي ليذر انتهاء دور الزوج و«الأب» في عملية الحمل والإنجاب ينسجم وفقه العولمة للتجارة الحرة (على الآخر)، وسوزي هذه هي رئيسة هيئة الخصوبة وعلم الأجنة البشري في بريطانيا، وقد صرحت بأن القول إن وجود أب للأطفال ضرورة تربوية وأخلاقية، «كلام فارغ» وطالبت من ثم بالسماح للنساء غير المتزوجات والسحاقيات بالحصول على حيوانات منوية من بنوك تديرها الدولة، حتى يتسنى لهن تخصيب بويضاتهن بشراء او اقتراض تلك السلعة لإرضاء غريزة الأمومة من دون حاجة إلى رجال، ولو كانت سوزي ليذر تجيد العربية لقالت بكل وضوح: قطيعة تقطع الرجالة وسنين الرجالة.. مش ضروري تنام الست في حضن زوجها عشان تجيب عيال، طالما أننا نقدر نشتري أغراض الحمل المجمدة والفريش من أي بنك… وسوزي هذه فيما تقول الصحف البريطانية امرأة متدينة (والنِعم)، وعضو في جماعة تحمل اسم حركة المسيحيين الاشتراكيين، وتحمل درجة جامعية في العلوم السياسية من جامعة اكستر، مما يجعلها «مؤهلة جدا» للحديث عن التخصيب الاصطناعي،.. وما تريده هذه السوزوكي التي تريد تخطي مطبات الرجال وصولا إلى الحمل بلا زوج او حتى عشيق او مجرد عابر سبيل.. ما تريده هو ان يكون من حق أي امرأة ان تذهب إلى بنك الحيوانات المنوية لتقف امام احد نوافذه وتقول: لو سمحت أعطني كتالوج البضاعة التي عندكم، فيسألها الموظف بكل أدب: هل تريدين حيوانات منوية إفريقية أم أوروبية ام من أمريكا اللاتينية؟ (بالمناسبة فان الخواجات يكرهون الآسيويين وخاصة الهنود والباكستانيين أكثر من كرههم لنا نحن العرب، وبالتالي لا أتوقع ان يحتفظ أي بنك غربي بحيوانات منوية ذات منشأ آسيوي)،.. وتتناول المرأة الكتالوج وتقرأ السيرة الذاتية للبضاعة: هذا مصدره رجل من ألمانيا طوله ستة أقدام وثلاث بوصات، وتلك من رجل كندي وزنه ثمانون كيلوجراما ويبلغ من العمر 35 سنة… وتحتار المرأة أمام العروض المغرية وتقول لموظف البنك: ما شاء الله عندكم أصناف تجنن، ممكن آخذ نسخة من الكتالوج إلى البيت لأدرس محتوياته جيدا واتشاور مع ماما حول الصنف المرغوب، لأنني من عائلة محافظة ولا أقدم على مثل تلك الخطوة من دون استشارة عائلتي؟
ومن المعروف ان هناك اليوم سلفا بنوك للحيوانات المنوية في العديد من المدن الأمريكية، وهي بنوك محترمة تقنع المشاهير والعباقرة بأن يبيعوا لها حيواناتهم المنوية لتتولى بدورها بيعها لزبائنها الذين يريدون ما يسمى «دِزاينر بيبي»، أي طفل بالتفصيل بحسب الطلب، فهذه تريد حيوانا منويا من رجل بارع في الرياضيات وتلك تريد طفلا يكون أبوه الممثل توم كروز!! وفي كل البنوك فإن الخطأ وارد.. يعني قد يكون في حسابك مائة دولار وفجأة تكتشف ان موظفا جعلها مائة ألف دولار، وقد يحدث العكس،.. ومن ثم فإن امرأة أوروبية شقراء قد تطلب الحمل من رجل من السويد او النرويج ويتم تلبية رغبتها وينجح الحمل وبعد تسعة أشهر تلد طفلا يشبه جعفر عباس من حيث اللون والشعر الحرير والأنف الرقيق المدبب!! لا حوالينا ولا علينا يا رب… لأنه إذا صار الذي تريده سوزي فلن تكون هناك بنا حاجة إلى اغنية مثل بابا أوبح، بل «بابا بح»، وبح في قاموس الأطفال تعني ماكو.. مفيش.. كلش مافي.. غير موجود!
[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]