جعفر عباس

ثلاث سيجارات تجعل مني مليونيرا


[JUSTIFY]
ثلاث سيجارات تجعل مني مليونيرا

مررت مؤخرا بتجربة اعتبرها غريبة وشجاعة: شربت للمرة الأولى في حياتي كوب شاي بدون فتفوتة سكر! وقبل أن تتفلسف وتقول: وش فيها؟ أقول لك: تذكر أنني سوداني. والسوداني المصاب بالسكري يشرب كوب الشاي العادي مضافا إليه أربع ملاعق سكر، أما الزول الخالي من ذلك المرض فإنه يضع السكر في كوب الشاي بمغرفة الطبخ، ومن ثم فإن الشاي الأحمر السوداني أقرب إلى «المربى»، أو عسل النحل المغشوش، وقد جربت القهوة العربية مرة واحدة في حياتي، وشفطت منها جرعة وبصقتها في ورقة كلينيكس، والسبب في ذلك أنها كانت ولا تزال خالية من السكر! وأنا من محبي الشاي وخاصة بالنعناع، بل إنني أزرع النعناع في بيتي، ولم أكن أتخيل أنه سيأتي يوم تحرمني فيه الظروف من شرب الشاي المشبع بالسكر، وبالمناسبة فإنني لست – ولله الحمد- مصابا بالسكري، وكل ما هناك هو أنني أهوى قراءة الموضوعات العلمية المتعلقة بالصحة العامة، وتعلمت منها الكثير عن ضرورة سد الباب الذي يأتي منه الريح.. أي الابتعاد عن ممارسات وعادات قد تؤدي إلى إصابتك بالأمراض ومن بينها السكري، وعرفت منها مضار السكر الأبيض، وعرفت أيضا أن بدائل ذلك السكر ليست آمنة أو مأمونة، فقلت: يا أبو الجعافر ما بدهاش.. بلاش سكر أبيض أو اصطناعي، وخاصة أنني أتعاطى ما هو أكثر من حاجتي من السكريات من التمر، وصرت مدمنا للتمر السكري الذي تشتهر به منطقة القصيم في السعودية، وأدعو الله ألا يحرمني منه، وهكذا جعلت مع دعائي شيئا من القطران، بأن قررت الابتعاد عن الأطعمة التي تحوي سكرا كثيرا!
والشاهد في كل ذلك هو أنني ما كنت أحسب أنني سأطيق شرب نقطة صغيرة من الشاي بدون كميات تجارية من السكر.. وبعد أن أنهيت الجملة الأخيرة هذه بدأت في شرب ثاني كوب شاي بدون سكر (في حياتي)، ووجدت طعم الشاي هو، هو.. سيم سيم،.. يعني اكتشفت أن المسألة تتعلق بالعادة أو بالأحرى بالاعتياد على الشيء.. وقبل سنوات عانيت من ارتفاع في ضغط الدم وطلب مني الطبيب وقف التدخين،.. وكشخص مشبع بالثقافة العربية، فقد تجاهلت توجيهات الطبيب متعللا بكلام سمعته من مدخنين بأن التوقف عن تعاطي التبغ يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم،.. وهكذا واصل ضغط الدم عندي ارتفاعه، فطبقت نصيحة الطبيب جزئيا.. كنت أدخن نحو ستين سيجارة في اليوم فأجريت «تنزيلات» وجعلتها 40 سيجارة في اليوم، ولكن أوعيتي الدموية السخيفة لم تتجاوب مع ذلك التنازل، فواصل ضغط الدم عندي صعوده، فقمت بخفض عدد سيجاراتي اليومية إلى عشرين، ولكن بلا طائل.. وهكذا انهزمت واتخذت قرارا بالإقلاع عن التدخين، وكنت متأكدا أن ذلك سيؤدي إما إلى وفاتي، أو طلاقي من زوجتي بسبب النرفزة والتوتر.. والحمد لله ما زلت حيا ومتزوجا بأم الجعافر.. ولكن ما قرأته في الصحف السعودية مؤخرا أصابني بارتفاع شديد في ضغط الدم، فقد نشرت جمعية خيرية معنية بمكافحة التدخين والمخدرات تقريرا جاء فيه أن السعوديين يحرقون سجائر بقيمة 15 مليار ريال سنويا.. تخيل لو أن كل مدخن في السعودية تنازل عن ثلاث سيجارات شهريا، أي قام بتوفير ريال واحد ووضعه في صندوق يحمل اسمي.. والسعودية تأتي في المرتبة الثالثة عالميا من حيث عدد المدخنين.. ولنفترض أن بها 3 ملايين دخاخنجي أي شارب سجائر،.. سيصير عندي شهريا ثلاثة ملايين ريال.. وفي سنة واحدة 36 مليون ريال.. وهو مبلغ يعادل ما تنفقه بعض الدول على الصحة والتعليم والخدمات في سنة كاملة.. أرجو أن تستغل «أخبار الخليج» عضويتها في مجلس التعاون الخليجي، وتتبنى هذا المشروع الجعفري وبعد أن أصبح مليونيرا سأقيم معاهد ومطاعم ومراكز طبية مجانية لكل الناس.. ما عدا المدخنين «المفترين».
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]