مفاوضة محكوم بالإعدام..
حقيقة لا أعرف كيف سيكون موقف الوفد الحكومي الذي سيواصل جولات التفاوض مع قطاع الشمال، خلال الأيام القادمة، فرئيس الوفد ورئيس قطاع الشمال في الحركة الشعبية وأمينها العام، محكوم عليهما بالإعدام، بعد أن أدانتهما محكمة جنايات سنجة الخاصة في ولاية سنار، برئاسة مولانا عبد المنعم يونس عبد الله، مع ستة عشر متهماً آخرين، وذلك بعد أن ثبت للمحكمة تورطهم في أحداث الدمازين التي راح ضحيتها عدد من المواطنين.
الحوار مع الحركة الشعبية قطاع الشمال حوار سياسي، والحكم قضائي، السياسة هي فن الممكن، لكن القضاء مستقل، لذلك لا نعرف كيف يمكن أن يجلس أعضاء الوفد الحكومي، الذي من المفترض أن يحترم القضاء وأحكامه، مع مفاوضين تمت إدانتهم داخل المحاكم(!).
نحن لا نبريء «عرمان» و «عقار» ومن معهما، ولا ندين مسلك الحكومة، فلا نحن قضاة، ولا نتبوأ منصباً سياسياً متقدماً أو «متأخراً» يخولنا البت في أمر مَنْ نفاوض أو نقاطع (!).
شخصياً أتوقع أن يصعّد المحكومان الأمر، ويسجلا نقاط احتجاج ضد الحكومة، ويتمسكا بأن الحكومة أخذت تمارس عليهما وعلى الحركة الشعبية قطاع الشمال ضغوطاً «من نوع آخر» حتى يرضخا وترضخ حركتهما الشعبية بقطاعها الشمالي لما تريده الحكومة، لتصدر بعد ذلك عفواً رئاسياً عنهما إذا إرادا العمل السياسي والعودة لممارسة النشاط العام.
أتوقع أن يمتنع «عرمان» و «عقار» عن مواصلة التفاوض، ويقدمان أكثر من طعن في أسلوب تعامل الحكومة معهما، لا طعناً في الحكم، رغم أنهما وطوال فترة المحاكمة أبديا عدم اهتمام بها كأنها لم تكن شيئاً مذكورا.
الحكومة ستدافع عن نفسها بأنها مصرة على التفاوض، وتتمسك بأنه لا سبيل إلى السلام إلا عن طريقه، لكن أمر القضاء هو شيء آخر، لأن القضاء في السودان مستقل، وهي محقة في ذلك.
الحكومة لن تجد نفسها في «ورطة» ولا «قطاع الشمال» لأن الذي سيجد أنه في ورطة حقيقية هو الاتحاد الأفريقي ولجنة الوساطة «المتسرعة» التي حددت نهاية الشهر الجاري موعداً للوصول إلى اتفاق.
الخروج من هذا النفق، لا يكون من خلال تأجيل أو تعديل إصدار الأحكام، فهذا شأن القضاء، لكنه سيكون من باب التناصح والتفاكر مع الآخرين في القوى السياسية المحلية، التي لها علاقات وروابط مع قطاع الشمال، ومع خليفته الجبهة الثورية، التي أخذت تؤجج النيران في دارفور لدعم حلفائها في النيل الأزرق وجنوب كردفان.
باب التناصح والتفاكر سيفتح على الآفاق التي تولد أكبر قدر من الأفكار وتطويرها والالتزام بها بضمانة كل القوى السياسية.
دعونا نجرب ذلك..
بعد ومسافة – آخر لحظة
[EMAIL]annashir@akhirlahza.sd[/EMAIL]